للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولما مات معز الدولة وأفضى الأمر إلى عز الدولة حسنت حاله عنده، ورعى خدمته لأبيه، وكان فيه توصل وسعة صدر، وتقدم إلى أن استوزره عز الدولة يوم الاثنين لسبع ليال خلون من ذي الحجة سنة اثنتين وستين وثلثمائة.

ثم إنه قبض عليه لسبب اقتضى ذلك يطول شرحه؛ وحاصله أنه حمله على محاربة ابن عمه عضد الدولة، فالتقيا على الأهواز وكسر عز الدولة، فنسب ذلك إلى رأيه ومشورته، وفي ذلك يقول أبو غسان الطبيب بالبصرة:

أقام على الأهواز خمسين ليلة ... يدبر أمر الملك حتى تدمرا

فدبر أمراً كان أوله عمى ... وأوسطه بلوى وآخره خرا وكان قبضه يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة ست وستين وثلثمائة بمدينة واسط، وسمل عينيه ولزم بيته. وكان في مدة وزارته يبلغ عضد الدولة ابن بويه عنه أمور يسوءه سماعها، منها أنه كان يسميه أبا بكر الغددي (١) تشبيهاً له برجل أشقر أزرق أنمش يسمى أبا بكر كان يبيع الغدد برسم السنانير ببغداد، وكان عضد الدولة بهذه الحلية وكان الوزير يفعل ذلك تقرباً إلى قلب مخدومه عز الدولة لما كان بينه وبين ابن عمه عضد الدولة من العداوة، فلما قتل عز الدولة - كما وصفناه في ترجمته - وملك عضد الدولة بغداد ودخلها طلب ابن بقية المذكور وألقاه تحت أرجل الفيلة، فلما قتل صلبه بحضرة البيمارستان العضدي ببغداد، وذلك في يوم الجمعة لست خلون من شوال سنة سبع وستين وثلثمائة، رحمه الله تعالى.

وقال ابن الهمذاني في كتاب " عيون السير ": لما استوزر عز الدولة بختيار ابن بويه ابن بقية المذكور، بعد أن كان يتولى أمر المطبخ، قال الناس: من الغضارة إلى الوزارة، وستر كرمه عيوبه، وخلع في عشرين يوماً عشرين ألف خلعة، قال أبو إسحاق الصابي: رأيته وهو يشرب في بعض الليالي، وكلما لبس خلعة خلعها على أحد الحاضرين، فزادت على مائتي خلعة، فقالت له مغنيته (٢) :


(١) بر: العذري؛ وقد حولت " سنانير " إلى " بساتين " لتوافق هذه اللفظة، في بعض الأصول.
(٢) ر ق: مغنية.

<<  <  ج: ص:  >  >>