للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبرني بعض علماء الأدب أن بعض الشعراء امتدح فخر الملك بعد هذه القصيدة، فأجازه إجازة لم يرضها، فجاء الشعر إلى نباتة، وقال له: أنت غررتني (١) ، وأنا ما مدحته إلا ثقة بضمانك، فتعطي ما يليق بمثل قصيدتي، فأعطاه من عنده شيئاً رضي به، بلغ ذلك فخر الملك، فسير لابن نباتة جملة مستكثرة لهذا السبب.

ويقرب من معنى هذين البيتين في شدة الوثوق بالعطاء قول المتنبي:

وثقنا بأن تعطي فلو لم تجد لنا ... لخلناك قد أعطيت من قوة الوهم ويحكى في هذا المعنى أيضاً أن بعض الشعراء مدح بعض الأكابر بقصيدة، فلما أصبح كتب إليه:

لم أعالجك بالرقاع إلى أن ... عاجلتني رقاع أهل الديون

علموا أنني بمدحك أمسي ... ت ملياً فأصبحوا يرفعوني (٢) ومن جملة مداحه المهيار بن مرزويه الكاتب الشاعر المشهور - وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى - وفيه يقول قصيدته الرائية التي منها (٣) :

أرى كبدي وقد بردت قليلاً ... أمات الهم أم عاش السرور

أم الأيام خافتني لأني ... بفخر الملك منها أستجير ومدائحه كثيرة، ولأجله صنف أبو بكر محمد بن الحسن الحاسب الكرجي (٤) كتاب " الفخري " في الجبر والمقابلة، وكتاب " الكافي " في الحساب.

ورأيت في بعض المجاميع أن رجلاً شيخاً رفع إلى فخر الملك المذكور قصة


(١) ر والمختار: غريتني.
(٢) ن: يقتضوني.
(٣) ديوان مهيار ١: ٣٥٨.
(٤) الكرجي: كذا في ر والمختار، والمشهور أنه الكرخي، (كما في بعض النسخ) ، وانظر فصلاً عن جهوده في الرياضيات في كتاب تراث العرب العلمي لقدري طوقان ص: ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>