للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خوفهم على بلادهم، فانضم إلى عز الدين مسعود عسكر حلب وخرج في جمع كثير.

ولما عرف السلطان مسيرهم سار حتى وافاهم على قرون حماة، وراسلهم وراسلوه، واجتهد في أن يصالحوه فلم يفعلوا، ورأوا أن ضرب المصاف معه ربما نالوا به الغرض الأكبر والمقصود الأوفر، والقضاء يجر إلى أمور لا يشعرون بها، فقام المصاف بين العسكرين، وقضى الله تعالى أن انكسر جيش عز الدين وأسر السلطان جماعة من أمرائه ثم أطلقهم، وذلك يوم الأحد التاسع عشر من شهر رمضان المعظم من السنة المذكورة، وهذه الواقعة من الوقائع المشهورة.

ثم سار السلطان عقيب الكسر إلى حلب ونزل عليها، وهي الدفعة الثانية، فصالحه الملك الصالح إسماعيل على أخذ المعرة وكفرطاب وبارين ثم رحل عنها.

وشرح ذلك يطول، وتتمة هذه القضية مذكورة في ترجمة أخيه سيف الدين غازي.

ولما توفي أخوه سيف الدين في التاريخ المذكور في ترجمته، استقل عز الدين المذكور بالملك من بعده، ولم يزل إلى أن حضرت الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين الوفاة - في التاريخ المذكور في ترجمة أبيه نور الدين - فأوصى بمملكة حلب وما معها لابن عمه عز الدين مسعود المذكور، واستخلف له المراء والأجناد، فلما توفي وبلغ الخبر عز الدين مسعوداً، بادر متوجهاً إليها خوفاً من صلاح الدين أن يسبقه فيأخذه، وكان وصوله إليها في العشرين من شعبان سنة سبع وسبعين وخمسمائة، وصعد القلعة واستولى على ما بها من الخزائن والحواصل، وتزوج أم الملك الصالح في خامس شوال من السنة، وأقام بها إلى سادس عشر شوال.

ثم علم أنه لا يمكنه حفظ الشام والموصل، وخاف من جانب صلاح الدين، وألح عليه الأمراء في طلب الزيادات، وتبسطوا عليه في المطالب (١) ، وضاق عنهم عطنه. وكان المستولي على أمره مجاهد الدين قايماز الزيني - المقدم ذكره في حرف القاف - فرحل عن حلب وخلف بها مظفر الدين ولده، ومظفر


(١) لي: الطلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>