للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعز المذكور قد بويع بولاية العهد في حياة أبيه المنصور إسماعيل ثم جددت له البيعة بعد وفاته (١) في التاريخ المذكور في ترجمته، ودبر الأمور وساسها وأجراها على أحسن أحكامها إلى يوم الأحد سابع ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وثلثمائة، فجلس يومئذ عل سرير ملكه، دخل عليه الخاصة وكثير من العامة، سلموا عليه بالخلافة، وتمسى بالمعز، ولم يظهر على أبيه حزناً.

ثم خرج إلى بلاد إفريقية يطوف فيها، ليمهد قواعدها ويقرر أسبابها، فانقاد له العصاة من أهل تلك البلاد ودخلوا في طاعته، وعقد لغلمانه، وأتباعه على الأعمال، واستندب لكل ناحية من يعلم كفايته وشهامته، وضم إلى كل واحد منهم جمعاً كبيراً من الجند وأرباب السلاح.

ثم جهز أبا الحسن جوهراً (٢) القائد - المذكور في حرف الجيم - ومه جيش كثيف، ليفتح ما استعصى عليه من بلاد (٣) المغرب، فسار إلى فاس، ثم منها إلى سجلماسة ففتحها، ثم توجه إلى البحر المحيط وصاد من سمكه وجعله في قلال الماء (٤) ، وأرسله إلى المعز، ثم رجع إلى المعز ومعه صاحب سجلمانة وساحب فاس أسيرين في قفصي حديد، والشرح في ذلك يطول. وخلاصة الأمر: أنه ما رجع القائد جوهر إلى ملولاه المعز إلا وقد وطد له البلاد، وحكم على أهل الزيغ والعناد من باب إفريقية إلى البحر المحيط في جهة الغرب، وفي جهة الشرق من باب إفريقية إلى أعمال مصر، ولم يبق بلد من هذه البلاد إلا أقيمت فيه دعوته وخطب به في جعمته (٥) وجماعته، إلا مدينة سبتة فإنها بقيت لبني أمية أصحاب الأندلس.

ولما وصل الخبر إلى المعز المذكور بموت كافور الإخشيدي صاحب مصر - حسبما شرحناه في ترجمته من هذا الكتاب - تقدم المعز إلى القائد جوهر المذكور


(١) ص: وفاة أبيه.
(٢) في أكثر النسخ " جوهر " دون تنوين.
(٣) ن: ديار.
(٤) ر: قلل من الماء.
(٥) ق ن ص بر من: جميعه: جمعته؛ ر: جميع جمعته.

<<  <  ج: ص:  >  >>