للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستنصر المذكور، وذلك في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، وقال في " تاريخ القيروان " (١) : إن ذلك كان في سنة خمس وثلاثين، والله تعالى أعلم بالصواب. وفي سنة تسع قطع اسمه واسم آبائه من الحرمين الشريفين، وذكر اسم المقتدي خليفة بغداد، والشرح في ذلك يطول.

ومنها أنه حدث في أيامه الغلاء العظيم الذي ما عهد مثله منذ زمان يوسف عليه السلام، وأقام سبع سنين، وأكل الناس بعضهم بعضاً، حتى قيل أنه بيع رغيف واحد بخمسين ديناراً، وكان المستنصر في هذه الشدة يركب وحده، وكل من معه من الخواص مترجلون ليس لهم دواب يركبونها، وكانوا إذا مشوا تساقطوا في الطرقات من الجوع، وكان المستنصر يستعير من ابن هبة صاحب ديوان الإنشاء بغلته ليركبها صاحب مظلته، وآخر الأمر توجهت أم المستنصر وبناته إلى بغداد من فرط الجوع، وذلك في سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وتفرق أهل مصر في البلاد وتشتتوا، ولم يزل هذا الأمر على شدته حنى تحرك بدر الجمالي والد الفضل أمير الجيوش من عكا وركب البحر - حسبما شرحناه في ترجمة ولده الأفضل شاهنشاه - وجاء إلى مصر وتولى تدبير الأمور فانصلحت، وشرح ذلك يطول.

وكانت ولادة المستنصر صبيحة يوم الثلاثاء لثلاث عرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة عشرين وأربعمائة (٢) ، وتوفي ليلة الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقين من ذي الحجة سنة سبع وثمانين وأربعمائة، رحمه الله تعالى.

قلت: وهذه الليلة هي ليلة عيد الغدير، أعني ليلة الثامن عشر من ذي الحجة وهو غدير خم - بضم الخاء وتشديد الميم - ورأيت جماعة كثيرة يسألون عن هذه الليلة حتى كانت من ذي الحجة وهذا المكان بين مكة والمدينة، وفيه غدير ماء، ويقال إنه غيضة هناك، ولما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من


(١) ر: التاريخ القيرواني.
(٢) علق ابن المؤلف هنا بقوله: " قلت، أعني كاتبها موسى بن أحمد لطف الله به: قد ذكر أنه ولي الأمر وهو ابن سبع سنين وأنه بويع في سنة أربع وعشرين فكيف يستقيم أن يكون مولده سنة عشرين، والله أعلم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>