للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فدق الباب، فقيل له: من بالباب فقال: معروف، فقيل له: على أي دين فقال: على الاسلام، فأسلم أبواه.

وكان مشهوراً بإجابة الدعوة، وأهل بغداد يستسقون بقبره ويقولون: قبر معروف ترياق مجرب. وكان سري السقطي المقدم ذكره تلميذه، وقال له يوماً: إذا كانت لك حاجة إلى الله تعالى فأقسم عليه بي. وقال سري السقطي: رأيت معروفاً الكرخي في النوم (١) كأنه تحت العرش، والباري جلت قدرته يقول لملائكته: من هذا وهو يقولون: أنت أعلم يا ربنا منا، فقال: هذا معروف الكرخي سكر من حبي فلا يفيق ألا بلقائي.

وقال معروف: قال لي بعض أصحاب داود الطائي: إياك أن تترك العمل، فإن ذلك الذي يقربك إلى رضا مولاك، فقلت: وما ذلك العمل قال: دوام الطاعة لمولاك (٢) ، وحرمة المسلمين، والنصيحة لهم.

وقال محمد بن الحسين، سمعت أبي يقول: رأيت معروفاً الكرخي في النوم بعد موته فقلت له: ما فعل الله بك فقال: غفر لي، فقلت: بزهدك وورعك فقال: لا بل بقبول موعظة ابن السماك ولزومي الفقر ومحبتي للفقراء. وكانت موعظة ابن السماك ما رواه معروف قال: كنت ماراً بالكوفة فوقفت على رجل يقال له ابن السماك وهو يعظ الناس، فقال في خلال كلامه: من أعرض عن الله بكليته أعرض عنه الله جملة، ومن أقبل على الله تعالى بقلبه أقبل الله تعالى برحمته عليه، وأقبل بوجوه الخلق إليه، ومن كان مرة ومرة فالله تعالى يرحمه وقتاً ما، فوقع كلامه في قلبي وأقبلت على الله تعالى وتركت جميع ما كنت عليه إلا خدمة مولاي علي بن موسى الرضا، وذكرت هذا الكلام لمولاي فقال: يكفيك هذا موعظة إن اتعظت.

وقد تقدم ذكر ابن السماك في المحمدين.

وقيل لمعروف في مرض موته: أوص، فقال: إذا مت فتصدوا بقميصي فإني أريد أن أخرج من الدينا عرياناً كما دخلتها عرياناً؛ ومر معروف بسقاء وهو


(١) ن: رأيت يوماً في المنام معروفاً الكرخي.
(٢) لي: دوام طاعة مولاك؛ ر: داوم على طاعة مولاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>