للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يترك الدهر لي علقاً أضن به ... إلا اصطفاه بنأيٍ أو بهجران ثم قال ابن المنجم المذكور: وهذان البيتان من أملح ما قيل في معناهما، ومثلهما في معناهما لبعض المحدثين:

وفارقت حتى ما أروع من النوى ... وإن غاب جيران علي كرام

فقد جعلت نفسي على اليأس تنطوي ... وعيني على هجر الصديق (١) تنام ومن هاهنا أخذ ابن التعاويذي المقدم ذكره قوله:

وها أنا لا قلبي يراع لفائت ... فيأسى ولا يلهيه حظ فيفرح وهذا البيت من جملة قصيدة يذكر فيها توجعه لذهاب بصره، فمنها قوله مشيراً إلى زوجته (٢) :

وباكية لم تشك فقداً ولا رمى ... بجيرتها الأدنين نأي مطوح

رمتها يد الأيام في ليث غابها ... بفادح خطبٍ والحوادث تفدح

رأت جللاً لا الصبر يجمل بالفتى ... على مثله يوماً، ولا الحزن يقبح

فلا غرو أن تبكي الدماء لكاسب ... لها كان يسعى في البلاد ويكدح

عزيز عليهما أن تراني جاثماً ... وما لي في الأرض البسيطة مسرح

وأن لا أقود العيش تنفح في البرى ... وجرد المذاكي في الأعنة تمرح

أظل حبيساً في قرارة منزل ... رهين أسى أمسى عليه وأصبح

مقامي منه مظلم الجو قاتم ... ومسعاي ضنك وهو صمحان (٣) أفيح

أقاد به قود الجنيبة مسمحاً ... وما كنت لولا غدرة الدهر أسمح

كأني ميت لا ضريح لجنبه ... وما كل ميت لا أبالك يضرح


(١) المختار: فقد الحبيب.
(٢) ديوان ابن التعاويذي: ٧٩.
(٣) لي ن بر من: ضحيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>