للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبي جعفر المنصور - أنفذ إلى ابن أخيه السفاح في أول ولايتهم مشيخةً من اهل الشام يطرفه بعقولهم واعتقادهم، وأنهم حلفوا أنهم ما علموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة يرثونه غير بني أمية حتى وليتم أنتم.

ونقلت أيضاً حكاية وإن كانت سخيفة لكنها ظريفة، ولا بد في المجاميع من الأحماض، ومزج الهزل بالجد، والحكاية المذكورة هي (١) : أن أبا سعيد ماهك بن بندار المجوسي الرازي كان من كبار كتاب الديلم المشهور تجفلهم (٢) ، الشائعة فيه أخبارهم، وكان يكتب لعلي بن سامان أحد فواد الديلم، فأراد الوزير أبو محمد المهلبي أن ينفذ ماهك في بعض الخدم فقال له: وقد أراد الخروج من عنده: يا أبا سعيد، لا تبرح من الدار حتى أوقفك على شيء أريده معك، فقال: السمع والطاعة لأمر سيدنا الوزير، ونهض من بين يديه، فقال الوزير: هذا رجل مجنون، وربما طال بي الشغل وضاق صدره فانصرف، فتقدموا إلى البواب أن لا يدعه يخرج من الباب، فجلس ماهك طويلاً، وأراد دخول الخلاء، فقام يطلب ذلك فرأى الأخلية مقفلة، وكان قد تقدم الوزير بذلك، وقال: كانت دار أبي جعفر الصيمري، منتنة الرائحة لأجل خلاء كان بها لعامة الناس. فوجد ماهك الخلاء الخلاص غير مقفل، وعليه سر مسبل، فرفع الستر ليدخل، فجاء الفراش فمنعه ودفعه (٣) ، فقال: يا هذا أليس هذا خلاء فقال: بلى، فقال: أريد أن أعمل فيه حاجتي فلم تمنعني قال: هذا خلاء خاص لا يدخله غير الوزير، قال: فبقية الأخلية مقفلة، فكيف أعمل وقد جئت أخرج فمنعني البواب فأخرى في ثيابي فقال الفراش: استأذن في دخول الخلاء (٤) ليتقدم لك بذلك ويفتح لك أحد الأخلية فتقضي حاجتك، فاشتد به الأمر، فكتب إلى الوزير رقعة وقال فيها: قد احتاج عبد سيدنا الوزير ماهك إلى بعض ما يحتاج إليه الناس


(١) المصدر السابق: ٣٢٢.
(٢) هذه القراءة غير قاطعة لأن النسخ أوردت اللفظة غير كاملة الإعجام.
(٣) ر: فدفعه ومنعه.
(٤) ع ن بر من: خلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>