للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكى عاصم بن أبي النجود المقرئ - المقدم ذكره (١) - أن الحجاج بن يوسف الثقفي بلغه أن يحيى بن يعمر يقول: إن الحسن والحسين رضي الله عنهما من ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يحيى يومئذ بخراسان، فكتب الحجاج إلى قتيبة بن مسلم والي خراسان - وقد تقدم ذكره أيضاً (٢) - أن ابعث إلي بيحيى بن يعمر، فبعث إليه، فقام بين يديه، فقال: أنت الذي تزعم أن الحسن والحسين من ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لألقين الأكثر منك شعراً أو لتخرجن من ذلك، قال: فهو أماني إن خرجت قال: نعم، فإن الله جل ثناؤه يقول: (ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا، ونوحاً هديناً من قبل، ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون، وكذلك نجزي المحسنين، وزكريا ويحيى وعيسى) الآية (الأنعام: قال: وما بين عيسى وإبراهيم أكثر مما بين الحسن والحسين ومحمد صلوات الله عليه وسلامه، فقال له الحجاج: ما أراك إلا قد خرجت، والله لقد قرأتها وما علمت بها قط، وهذا من الاستنباطات البديعة الغريبة العجيبة، فلله دره، ما أحسن ما استخرج وأدق ما استنبط! قال عاصم: ثم إن الحجاج قال له: أين ولدت فقال: بالبصرة، قال: أين نشأت قال: بخراسان، قال: فهذه العربية أنى هي لك قال: رزق، قال: خبرني عني هل ألحن فسكت، فقال: أقسمت عليك، فقال: أما إذ سألتني أيها الأمير فإنك ترفع ما يوضع وتضع ما يرفع، فقال: ذلك والله اللحن السيئ؛ قال: ثم كتب إلى قتيبة: إذا جاءك كتابي هذا فاجعل يحيى بن يعمر على قضائك والسلام.

وروى ابن سلام عن يونس بن حبيب قال: قال الحجاج ليحيى بن يعمر أتسمعني ألحن قال: في حرف واحد، قال: في أي قال: في القرآن، قال: ذلك أشنع، ثم قال: ما هو قال تقول (قل إن كان آباؤكُم وأبناؤكُم - إلى قوله إليكُم) (التوبة:٢٤) فتقرؤها بالرفع،


(١) ج ٣: ٩.
(٢) ج ٤: ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>