للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العباس بعد أبي سلمة حفص الخلال - المقدم ذكره - وقد ذكرته في ترجمة جعفر وذكرت هناك تاريخ وفاته، وقال أبو الحسن المسعودي في كتاب " مروج الذهب " (١) : لم يبلغ مبلغ خالد بن برمك أحد من ولده في جوده ورأيه وبأسه وعلمه وجميع خلاله، لا يحيى في رأيه ووفور عقله، ولا الفضل بن يحيى في جوده ونزاهته، ولا جعفر بن يحيى في كتابته وفصاحة لسانه، ولا محمد بن يحيى في سروه وبعد همته، ولا موسى بن يحيى في شجاعته وبأسه. ولما بعث أبو مسلم الخراساني قحطبة بن شبيب الطائي لمحاربة يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري عامل مروان بن محمد (٢) على العراقين، وكان خالد بن برمك في جملة من كان معه، فنزلوا في طريقهم بقرية، فبينما هم على سطح بعض دورها يتغدون إذ نظروا إلى الصحراء وقد أقبلت منها أقاطيع الوحش من الظباء وغيرها، حتى كادت تخالط العسكر، فقال خالد لقحطبة: أيها الأمير، ناد في الناس ومرهم أن يسرجوا ويلجموا قبل أن تهجم عليهم الخيل، فقام قحطبة مذعوراً، فلم ير شيئاً يروعه، فقال: يا خالد ما هذا الرأي فقال: قد نهد (٣) إليك العدو، أما ترى أقاطيع الوحش قد أقبلت إن وراءها لجمعاً كثيفاً، فما ركبوا حتى رأوا الغبار، ولولا خالد لهلكوا (٤) .


(١) مروج الذهب ٣: ٣٧٧.
(٢) زاد في المختار: آخر ملوك بني أمية.
(٣) ق ع والمختار: نهز؛ س: نهد عليك.
(٤) علق صاحب المختار بقوله: " قلت أعني كاتبها موسى أحمد لطف الله به: ومثل هذه الحكاية ما يكى عن الملك المجاهد أسد الدين شيركوه الأصغر صاحب حمص أنه كان نائماً في الصيف بسطح دار بقلعة حمص ليلاً، فأمر بضرب بوق الفزع نصف الليل وركب للوقت وهو شاكي السلاح، واجتمع إليه العسكر وجميع أصحابه، وسار بهم إلى طريق حصن الأكراد، فوافى سرية كبيرة من الفرنج وقد عدوا المخاضة التي بين حمص وحصن الأكراد وهم عازمون على الغارة على بلاد حمص، فأوقع بهم واستأصل شأفتهم قتلاً واسراً واستولى على ما معهم وعاد من ليلته، فسئل كيف علم بذلك فقال: كنت قد استيقظت من منامي واستلقيت على ظهري مفكراً، فسقط على وجهي قطرات عديدة من الماء، فقلت في نفسي: هذا زمن الصيف ولا مطر فيه والسماء صاحية، ولا شك في أن سرية من الفرنج من حصن الأكراد قد قصدوا الغارة علينا، ولما عبروا المخاضة نفر ما بها من الطيور وطاروا في ضوء القمر، وإن هذه النقط من رشاش أجنحتها، فكان حديثاً صحيحاً، والله أعلم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>