للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزيد بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي المذكور قبله، وأحضر إليه يزيد بن أبي مسلم في جامعة، وكان رجلاً قصيراً دميماً قبيح الوجه عظيم البطن تحتقره العين، فلما نظر إليه سليمان قال: أنت يزيد بن أبي مسلم قال: نعم أصلح الله أمير المؤمنين قال: لهن الله من أشركك في أمانته وحكمك في دينه، قال: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإنك رأيتني والأمور مدبرة عني، ولو رأيتني والأمور مقبلة علي لاستعظمت ما استصغرت ولاستجللت ما احتقرت، فقال سليمان: قاتله الله، فما أسد عقله وأعضب لسانه! ثم قال سليمان: يا يزيد، أترى صاحبك الحجاج يهوي بعد في نار جهنم أم قد استقر في قعرها فقال يزيد: لا تقل ذلك يا أمير المؤمنين، فإن الحجاج عادى عدوكم ووالى وليكم، وبذل مهجته لكم، فهو يوم القيامة عن يمين عبد الملك وعن يسار الوليد، فاجعله حيث أحببت. وفي رواية أخرى: إنه يحشر غداً بين أبيك وأخيك، فضعهما حيث شئت، قال سليمان: قاتله الله، فما أوفاه لصاحبه! إذا اصطنعت الرجال فلتصطنع مثل هذا، فقال رجل من جلساء سليمان: يا أمير المؤمنين، اقتل يزيد ولا تستبقه، فقال يزيد: من هذا فقالوا: فلان بن فلان، قال يزيد: والله لقد بلغني أن أمه ما كان شعرها يوازي (١) أذنيها، فما تمالك سليمان أن ضحك وأمر بتخليته. ثم كشف عنه سليمان فلم يجد عليه خيانة ديناراً ولا درهماً، فهم باستكتابه، فقال له عمر بن عبد العزيز: أنشدك الله يا أمير المؤمنين أن تحيي (٢) ذكر الحجاج باستكتابك كاتبه، فقال: يا أبا حفص، إني كشفت عنه فلم أجد عليه خيانة، فقال عمر: أنا أوجدك من هو أعف عن الدينار والدرهم منه، فقال سليمان: من هذا فقال: إبليس، ما مس ديناراً ولا درهماً بيده وقد أهلك هذا الخلق. فتركه سليمان.

وحدث جورية بن أسماء أن عمر بن عبد العزيز بلغه أن يزيد بن أبي مسلم في جيش (٣) من جيوش المسلمين، فكتب إلى عامل الجيش أن يرده وقال: إني


(١) في ق ر ع س: يواري، وما أثبتناه موافق للمسودة وبر؛ وفي بر: ما كان لها شعر يوازي.. الخ.
(٢) س: لا تحيي؛ ع: لأن.
(٣) ع: خرج في جيش.

<<  <  ج: ص:  >  >>