للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٣٢ -

[جعفر البرمكي]

أبو الفضل جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك البرمكي وزير هارون الرشيد؛ كان من الكرم وسعة العطاء كما قد اشتهر، ويقال إنه لما حج ... العطاء.

ولم يبلغ أحد من الوزراء منزلة بلغها من الرشيد؛ قال إبراهيم: قال لي جعفر بن يحيى يوماً: إني استأذنت أمير المؤمنين في الخلوة غداً فهل أنت مساعدي فقلت: جعلت فداك، انا أسعد بمساعدتك وأسر بمحادثتك، [قال: فبكر إلي بكور الغراب؛ قال: فأتيه عند الفحجر فوجدت الشمعة بين يديه] وهو ينتظرني للميعاد، فصلينا ثم أفضنا في الحديث، ثم قدم إلينا الطعام فأكلنا فلما غسلنا أيدينا جعلت علينا ثياب المنادمة وبخرنا وطيبنا ثم ضمخنا بالخلوق، ومدت الستارة، وظللنا بأنعم يوم مر بنا، ثم إنه ذكر حاجة فدعا الحاجب وقال: إذا أتى عبد الملك فأذن له - يعني قهرماناً له؛ فاتفق ان جاء عبد الملك ابن صالح عم الرشيد وهو من جلالة القدر والامتناع من منادمة أمير المؤمنين على أمر جليل، وكان الرشيد قد اجتهد أن يشرب معه قدحا فليم يقدر عليه رفعا لنفسه، فلما رفع لستر وطلع علينا سقط ما في أيدينا وعلمنا أن الحاجب قد غلط بينه وبين عبد الملك القهرمان، فأعظم جعفر ذاك وارتاع له، ثم ثام إليه إجلالاً، فلما نظر إلينا على تلك الحال دعا غلامه فدفع إليه سيفه وسواده وعمامته ثم قال: اصنعوا بناماصنعتم بأنفسكم؛ ثم قال: اصنعوا بنا ما صنعتم بانفسكم؛ قال: فجاء الغلمان فطرحوا عليه ثياباً وخلقوه ودعا بالطعام فطعم وشرب ثلاثاً، ثم قال: لتخفف عني فإنه شيء والله ما شربته قط، فتهلل وجه جعفر وفرح، ثم التفت إليه فقال: جعلت فداك، قد تطولت وتفضلت وساعدت فهل من حاجة تبلغ إليها مقدرتي وتحيط بها نعمتي فأقضيها مكافأة لما صنعت قال: بلى إن في قلب أمير المؤمنين علي هنة فاسأله الرضى عني، فقال له جعفر: قد رضي أمير المؤمنين عنك، ثم قال: وعلي عشرة آلاف دينار، فقال: هي لك حاضرة من مالي ولك من

<<  <  ج: ص:  >  >>