للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى وهو يومئذ [شاب] وصاحب ديوان الأحباس يكتب أسمائهم يستعد بهم المضي للحاق بالمقام السلطاني في مهم، فاعتذر رجل منهم فخط على اسمه وكتب غيره، فقام رجل آخر ليعتذر فقال: المملوك كما قال الله تعالى: (إن بيوتنا عورة) فقال له الفقيه أمين الدين المذكور: صل، يشير إلى بقية الآية وهي قوله: (وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا) فضحك البرهان ضحكاً شديداً وقال: لا أجمع عليك بين تندير الفقيه وبين تكليفك للمجيء، ثم خط على اسمه وكتب غيره

(١١)

(ترجمة ابن أبي داود، رقم: ٣٢، ص: ٣٨، س: ١٢) (١)

حكى أبو مالك جرير بن أحمد بن أبي داود قال: قال الواثق يوماً لأبي تضجراً بكثرة حوائجه: يا أحمد قد اختلت بيوت الأموال بطلباتك للائذين بك والمتوسلين إليك، فقال: يا أمير المؤمنين نتائج شكرها متصلة بك وذخائر أجرها مكتوبة لك، وما لي من ذلك إلا عشق اتصال الأنس بعلو المدح فيك، فقال: يا أبا عبد الله، لا منعناك ما يزيد في عشقك ويقوي من همتك فينا ولنا.

ومثل هذا حكى الثعالبي عن إبراهيم بن السندي قال: قلت في أيام ولايتي الكوفة لرجل من وجودها كان لا يخف كده ولا يجف قلمه ولا تستريح حركته في طلب حوائج الناس وإدخال المرافق على الضعفاء، وكان وجيهاً ذا مروة وفصاحة: خبرني عن الشيء الذي هون عليك هذا المنصب وقواك على تكاليف النصب ما هو فقال: قد والله سمعت تغريد الأطيار بالأسحار وأصوات القيان فما طربت قط كطربي من ثناء حسن من رجل محسن، قلت: لله درك ولله أنت قد حشيت مروة وكرماً.

وقال أبو العيناء: ما رأيت أفصح لساناً ولا أصوب رأياً ولا أحضر حجة من


(١) اشتركت نسختا د آيا صوفيا (١٩ أ - ١٩ ب) في هذه الزيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>