للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٣)

(ترجمة الملك العادل أتابك، رقم: ٨٢، ص: ١٩٤، س: ٣)

ودفن بقلعة دمشق ونقل منها إلى مدرسته التي أنشأها عند سوق الخواصين بالموصل؛ ومن عجيب الاتفاق أنه ركب ثاني شوال وركب إلى جانبه بعض الأمراء الأخيار، فقال له الأمير: سبحان من يعلم هل نجتمع هنا في العام المقبل أو لا فقال نور الدين: لا تقل هكذا، قل: سبحان من يعلم هل نجتمع بعد شهر أم لا؛ فمات نور الدين بعد أحد عشر يوماً، ومات الأمير قبل الحول، فأخذ كل واحد منهما بما قاله؛ وكان مولده سنة ٥٦٩ (١) .

وأما ما فعله من المصالح فإنه بنى أسوار مدن الشام كلها وقلاعها فمنها دمشق وحمص وحماة وحلب وشيزر وبعلبك وغيرها، وبنى المدارس الكثيرة للحنفية والشافعية وبنى الجامع النوري بالموصل وبنى المارستان والخانات في الطرق وبنى الخانات للصوفية في جميع البلاد، وكانت له همة عالية أعاد ناموس الأتابكي وحرمته بعد أن كانت قد ذهبت، وخافته الملوك، ولو لم يكن من فضيلته إلا أنه رحل الملك الكامل بن العادل عن ماردين بعد انفصال أبيه عنها سنة ٩٥ وأبقاها على صاحبها. ولما حضره الموت أمر أن يرتب في الملك بعده ولده الملك القاهر عز الدين مسعود وحلف له الجند وأعطى ولده الأصغر عماد الدين زنكي قلعة الجندية وقلعة شوس وولايتهما وسيرهما إلى العقر، وأمر أن يتولى تدبير ملكهما والنظر في مصالحهما الأمير بدر الدين لؤلؤ لما رأى من عقله وسداده وحسن سياسته وتدبيره. وكان نور الدين يصلي كثيراً بالليل، وله فيه أوراد حسنة فكان كما قيل:

جمع الشجاعة والخشوع لربه ... ما أحسن المحراب في المحراب وبالجملة فحسناته كثيرة ومناقبه غزيرة.


(١) في نسخة د: سنة ٦١١، وهو خطأ بين لأن الملك العادل توفي سنة ٦٠٧؛ وانظر التاريخ الباهر: ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>