للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخلت عليك في السحر وأنت تتخللين، فإن كنت بادرت (١) الغداء فأنت شرهة، وإن كنت بت والطعام بين أسنانك فأنت قذرة، فقالت: كل ذلك لم يكن، لكني تخللت من شظايا السواك (٢) ؛ فتزوجها بعده يوسف بن أبي عقيل الثقفي، فولدت له الحجاج مشوهاً لا دبر له، فنقب عن دبره، وأبى أن يقبل ثدي أمه أو غيرها، فأعياهم أمره، فيقال: إن الشيطان تصور لهم في صورة الحارث بن كلدة المقدم ذكره، فقال: ما خبركم قالوا: بني ولد ليوسف من الفارعة، وقد أبى أن يقبل ثدي أمه، فقال: اذبحوا جدياً أسود وأولغوه دمه، فإذا كان في اليوم الثاني فافعلوا به كذلك، فإذا كان اليوم الثالث فاذبحوا له تيساً أسود وأولغوه دمه، ثم اذبحوا له أسود سالخاً فأولغوه دمه، واطلوا به وجهه، فإنه يقبل الثدي في اليوم الرابع، قال: ففعلوا به ذلك؛ فكان لا يصبر عن سفك الدماء لما كان منه في أول أمره؛ وكان الحجاج يخبر عن نفسه أن أكبر لذاته سفك الدماء وارتكاب أمور لا يقدم عليها غيره.

وذكر ابن عبد ربه في " العقد " (٣) أن الفارعة المذكورة كانت زوجة المغيرة ابن شعبة، وانه هو الذي طلقها لأجل الحكاية المذكورة في التخلل؛ وذكر أيضاً أن الحجاج وأباه كان يعلمان الصبيان بالطائف، ثم لحق الحجاج بروح بن زنباع الجذامي وزير عبد الملك بن مروان، فكان في عديد شرطته إلى أن رآى عبد الملك انحلال عسكره وأن الناس لا يرحلون برحيله ولا ينزلون بنزوله، فشكا ذلك إلى روح بن زنباع، فقال له: إن في شرطتي رجلاً لو قلده أمير المؤمنين أمر عسكره لأرحل الناس برحيله وأنزلهم بنزوله يقال له الحجاج ابن يوسف، قال: فإنا قد قلدناه ذلك، فكان لا يقدر أحد أن يتخلف عن الرحيل والنزول إلا أعوان روح بن زنباع، فوقف عليهم يوماً وقد أرحل الناس وهم على طعام يأكلون فقال لهم: ما منعكم أن ترحلوا برحيل أمير المؤمنين قالوا له: انزل يا ابن اللخناء فكل معنا، قال لهم: هيهات،


(١) س: باكرت.
(٢) زاد في ص هنا قال: كنت فبنت، فقالت: والله ما فرحنا إذ كنا ولا حزنا إذ بنا؛ وهي من قصة أخرى، ولا حاجة لإيرادها بعد قوله في صدر القصة " فبعث إليها بطلاقها ".
(٣) انظر العقد ٥: ١٣ - ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>