للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كان ثلث الليل الأخير أتاهم الخبر أن منصوراً وعسكره قد عادوا إلى الري وتركوا خيامهم، وكان سبب ذلك أن الميرة والعلوفة ضاقت عليهم أيضاً إلا أن الديلم كانوا يصبرون ويقتنعون بالقليل من الطعام وكان الخراسانية بالضد منهم.

وحكى أبو الفضل ابن العميد (١) قال: استدعاني ركن الدولة تلك الليلة في الثلث الأخير وقال لي: قد رأيت الساعة في منامي كأني على دابتي فيروز وقد انهزم عدونا وأنت تسير إلى جانبي وقد جاءنا الفرج من حيث لا نحتسب فممدت عيني فرأيت على الأرض خاتماً فأخذته وإذا فصه من فيروز فجعلته في إصبعي فتبركت به وانتبهت وقد أيقنت بالظفر، فإن الفيروزج معناه الظفر، وكذلك لقب الدابة فيروز، قال ابن العميد: فأتانا الخبر والبشارة بأن العدو قد رحل فما صدقنا حتى تواردت الأخبار، فركبنا ولا نعرف سبب هزيمتهم، وسرنا حذرين من كمين، وسرت إلى جانب ركن الدولة وهو على فرسه فيروز، فصاح ركن الدولة لغلام بين يديه: ناولني ذلك الخاتم، فأخذ خاتماً من الأرض فناوله إياه فإذا هو من فيروزج فجعله في إصبعه وقال: هذا تأويل رؤياي، وهذا الخاتم الذي رأيت من ساعة، وهذا من أحسن ما يحكى وأعجبه.

وكان ركن الدولة يقول: مثل خراسان في صعوبة فتحها ونزارة دخلها كابن آوى: يصعب صيده ولا يحصل خيره؛ وهو معنى قول الشاعر:

إن ابن آوى لشديد المقتنص ... هو إذا ما صيد ريح في قفص] (٢) وتوفي ركن الدولة ليلة السبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة ست وستين وثلثمائة بالري، ودفن في مشهده. ومولده تقديراً في سنة أربع وثمانين ومائتين، قاله أبو إسحاق الصابئ، وملك أربعاً وأربعين سنة وشهراً وتسعة أيام، وتوى بعده ولده مؤيد الدولة، رحمه الله تعالى.


(١) قارن بما في تجارب الأمم ٢: ١٤١.
(٢) ما بين معقفين انفردت به النسخة د.

<<  <  ج: ص:  >  >>