للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى قوله، فشرب ذلك الأمير من الغد [إلى الليل] وكانت له كلاب كالسباع تفترس الغرباء بالليل، فغلبه السكر فخرج وحده فلم تعرفه الكلاب فمزقته، فعلمت أن الرجل كوشف بذلك، فأنا أخدم الصوفية لعلي أظفر بمثل ذلك.

وكان إذا سمع الأذان أمسك عن جميع ما هو فيه. وكان إذا قدم عليه إمام الحرمين أبو المعالي وأبو القاسم القشيري صاحب الرسالة بالغ في إكرامهما وأجلسهما في مسنده. وبنى المدارس والربط والمساجد في البلاد (١) ، وهو أول من أنشأ المدارس فأقتدى به الناس. وشرع في عمارة مدرسته ببغداد سنة سبع وخمسين وأربعمائة، وفي سنة تسع وخمسين جمع الناس على طبقاتهم ليدرس بها الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، رحمه الله تعالى، فلم يحضر، فذكر الدرس أبو نصر ابن الصباغ، صاحب " الشامل "، عشرين يوماً، ثم جلس الشيخ أبو إسحاق بعد ذلك. وهذا الفصل قد استقصيته في ترجمة أبي نصر عبد السيد بن الصباغ صاحب " الشامل " فلينظر هناك. وكان الشيخ أبو إسحاق إذا حضر وقت الصلاة خرج منها وصلى في بعض المساجد، وكان يقول: بلغني أن أكثر آلاتها غصب (٢) .

وسمع نظام الملك الحديث وأسمعه، وكان يقول: إني لأعلم أني لست أهلاً لذلك، ولكني أريد أربط (٣) نفسي في قطار (٤) النقلة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويروى له من الشعر قوله:

بعد الثمانين ليس قوه ... قد ذهبت شره الصبوه

كأنني والعصا بكفي ... موسى ولكن بلا نبوه وقيل: إن هذين البيتين لأبي الحسن محمد بن أبي الصقر الواسطي - وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى -.


(١) انظر المدارس التي بناها في السبكي: ١٣٧.
(٢) ص: مغصوبة.
(٣) ج: أريد ربط.
(٤) هـ: كتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>