للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فردها مع الغلام وقال للغلام: قل له: بأي عين رأيتني وما الذي بلغك من حاجتي وخلتي حتى وجهت إلي بهذا قال: فتعجبت من ذلك وقلت له: هات الدراهم فإني أحملها إليه، فدفعها إلي ثم قال: يا غلام، الكيس الآخر، فجاءه بكيس فوزن ألفاً أخرى، وقال: تلك لنا وهذه لموضع القاضي وعنايته، قال: فخرجت وجئت إليه، فقرعت الباب فخرج وكلمني من وراء الباب وقال: ما رد القاضي قلت: حاجة أكلمك فيها، فدخلت وجلست ساعة، ثم أخرجت الدراهم وجعلتها بين يديه، فقال: هذا جزاء من ائتمنك على سره [أنا بأمانة العلم أدخلتك إلي] ، ارجع فلا حاجة لي فيما معك، قال المحاملي: فرجعت وقد صغرت الدنيا في عيني ودخلت على الجرجاني فأخبرته بما كان، فقال: أما أنا فقد أخرجت هذه الدراهم لله تعالى، لا أرجع في شيء منها، فليتول القاضي إخراجها في أهل الستر والعفاف على ما يراه القاضي] (١) .

قيل: عن كان يحضر مجلسه أربعمائة صاحب طيلسان أخضر، قال داود (٢) : حضر مجلسي يوماً أبو يعقوب الشريطي، وكان من أهل البصرة، وعليه خرقتان، فتصدر لنفسه من غير أن يرفعه أحد وجلس إلى جانبي وقال لي: سل يا فتى عما بدا لك، فكأني غضبت منه، فقلت له مستهزئاً: أسألك عن الحجامة، فبرك أبو يعقوب ثم روى طريق " أفطر الحاجم والمحجوم " ومن أرسله ومن أسنده ومن وقفه ومن ذهب إليه من الفقهاء، وروى اختلاف طريق احتجام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعطاء الحجام أجره، ولو كان حراماً لم يعطه، ثم روى طرق أن النبي صلى الله عليه وسلم " احتجم بقرن وذكر أحاديث صحيحة في الحجامة، ثم ذكر الأحاديث المتوسطة مثل " ما مررت بملا من الملائكة " ومثل " شفاء أمتي في ثلاث " وما أشبه ذلك، وذكر الأحاديث الضعيفة مثل قوله عليه السلام " لا تحتجموا يوم كذا ولا ساعة كذا "، ثم ذكر ما ذهب إليه أهل الطب من الحجامة في كل زمان وما ذكروه فيها،


(١) انفردت ص بهذا النص، فلم يرد في المسودة وسائر النسخ.
(٢) ص: قال أبو العباس الزيادي: دخل أبو يعقوب الشروطي وكان من أهل البصرة مجلس داود الظاهري.. الخ. وابتداء من قوله: قال داود حتى قوله: أحداً أبداً، لا وجود له في المسودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>