للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا البيت من جملة أبيات في عبد الله بن الزبير بن العوام لما طلب الخلافة لنفسه واستولى على الحجاز والعراق في أيام عبد الملك بن مروان الأموي، وكان قد اختصم الفرزدق وزوجته النوار، فمضيا من البصرة إلى مكة، ليفصل الحكم بينهما عبد الله بن الزبير، فنزل الفرزدق عند حمزة بن عبد الله، ونزلت النوار عند زوجة عبد الله، وشفع كل واحد منهما لنزيله، فقضى عبد الله للنوار وترك الفرزدق، فقال الأبيات المذكورة، فصار الشفيع العريان مثلاً يضرب لكل من تقبل شفاعته.

[وكان أبو جعفر إذا أراد بإنسان خيراً أمر بتسليمه إلى الربيع، وإذا أراد به شراً سلمه للمسيب، فكتب عامل فلسطين يذكر أن بعض أهلها وثب واستغوى جماعة وعاب في العمل، فكتب إليه أبو جعفر: دمك بواء بدمه إلى أن توجه به إلي، فأخذه ووجه به إليه، فلما دخل عليه قال: أنت المتوثب على عامل أمير المؤمنين لأنثرن من لحمك أكثر ما بقي منه على عظمك، فقال له بصوت ضئيل، وكان شيخاً كبيراً:

أتروض عرسك بعد ما هرمت ... ومن العناء رياضة الهرم فقال أبو جعفر: يا ربيع، ما يقول: يقول:

العبد عبدكم والمال مالكم ... فهل عذابك عني اليوم مصروف فقال: قد عفوت عنه، فخلى سبيله وأحسن إليه. وهذا الشعر لسحيم عبد بني الحسحاس] (١) .

وقال له المنصور يوماً: ويحك يا ربيع، ما أطيب الدنيا لولا الموت! فقال له: ما طابت إلا بالموت، قال: وكيف ذاك قال: لولا الموت لم تقعد هذا المقعد، قال: صدقت. وقال له المنصور لما حضرته الوفاة: يا ربيع، بعنا الآخرة بنومة.


(١) زيادة من د وحدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>