للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثاني: عمرو بن معديكرب الزبيدي

١- حياته وإسلامه وخروجه للجهاد:

هو فارس زبيد، وشاعرها قبل الإسلام وبعده، ويُكنى: أبا ثور، واسمه: عمرو بن معديكرب الزبيدي، وينتهي نسبه إلى زبيد، فهو قحطاني الأصل، ويدعوه أبو عبيدة: فارس اليمن، ويقدمه على زيد الخيل في الشدة والبأس١. وهو ابن خالة الزبرقان بن بدر، وخال قيس بن مكشوح المرادي، الشاعر الفارس٢.

ويبدو أن أباه كان سيدًا وجيهًا في قومه، ومن ذوي الرياسة والزعامة فيهم، وكان معروفًا بالنجدة والفروسية، وأمه امرأة من جرم، من قضاعة، من بني الحارث بن كعب، وكانت قد ارتحلت مع قومها إلى بني زبيد، هربًا من ثأر لبني الحارث٣.

ونشأ عمرو في حجرها نشأة لاهية عابثة، واشتهر في صباه بالانصراف إلى الشراب والنهم، فلم يتوسم فيه أبوه خيرًا، وأطلق عليه لقب: المائق؛ أي: الأحمق الذي لا رجاء فيه، فكان أن عرف بمائق بني زبيد٤.

وتعرض عمرو في شبابه لتجربة صعبة، صقلته وعجمت عوده، وحققت أخيرًا ذاته، فرسخت مكانته في قومه، وهي تجربة شبيهة بالتجربة التي صهر خلالها أسود بني عبس وامرؤ القيس.

فقد حدث أن شنت قبيلة خثعم غارة على بني زبيد، فأخذ أبوه يجمع قومه استعدادًا لصدها، وجاء عمرو إلى أخته فقال: "أشبعيني فإن غدًا الكتيبة"، وجاء أبوه فأخبرته ابنته بما كان من عمرو، فكأنما استكثر عليه أبوه اهتمامه بالكتيبة في غده، واستعداده لها، فقال: هذا المائق يقول ذلك سليه ما يشبعه فقال: فرق من ذرة، وعنز رباعية، وكان الفرق يومئذ ثلاثة آصاع. فصنع له ذلك، فأتى عليه جميعه ثم نام.


١ الأغاني "الساسي" ج١٤، ص٢٤.
٢ المرجع السابق وابن قتيبة ج١، ص٢٣٢.
٣ الخزانة ج٣، ص٤٢٢.
٤ الأغاني ج١٤، ص٢٤.

<<  <   >  >>