للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثالث: القعقاع بن عمرو التميمي

١- حياته وخروجه للجهاد:

هو خير نموذج لهؤلاء الشعراء الذين أنطقتهم الفتوح بالشعر، وإنه لمن النادر أن نصادف شاعرًا مثله، له نفس خصائصه أو خصائص قريبة منها.

كانت حياته كلها هجرة في سبيل الله ورسوله وفي طاعتهما، ويضعه بعض المصنفين في آخر طبقة المخضرمين من الفرسان الجشعان١، لكننا لا نعرف شيئًا واضحًا عن جاهليته يفيد معرفة بشأنه وبماضيه؛ إذ تخلو جميع المصادر من أية إشارة إلى شيء من هذا القبيل. فلا نعرف له من ثم أدنى اهتمام بشيء قبل الإسلام، وليس له ماضٍ ينميه ولا اسم يعتز به، ويعيش على الإخلاص له، ولا شيء ثمة إلا إسلامه وإيمانه القوي وعقيدته الراسخة، حتى ليخيل للدارس أن حياته لم تبدأ إلا بالإسلام.

وهكذا نجد جميع المصادر تخلو من الإشارة العابرة إلى مولده ونشأته، وإنما تبتدئ جميعها من نقطة واحدة، هي إسلامه، ذلك أنه الحقيقة الكبيرة البارزة والفاعلة في حياته كلها.

فقد أسلم القعقاع، وكانت له صحبة٢، وشهد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الذي نقل إلى المسلمين آنذاك نبأ اجتماع الأنصار على استخلاف سعد بن عبادة٣. وظاهر من هذه الروايات أن القعقاع قد نشأ في حجر النبي صلى الله عليه وسلم وكنف صحابته فتى من فتيان المسلمين، الذين آمنوا بربهم وزادهم ربهم هدى، فتأدبوا بآداب الإسلام، وتعلموا في مدرسة الرسول صلى الله عليه وسلم، ورسخ اعتقادهم بما أعده الله للمؤمنين المجاهدين من عباده،


١ المستطرف ج١، ص١٧٩.
٢ الإصابة ج٥، ص٢٤٤.
٣ الإصابة ج٥، ص٢٤٤.

<<  <   >  >>