للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- موضوعات جديدة:

هذه الموضوعات الجديدة التي عبر عنها شعر الفتح نتيجة طبيعية لحياة الفاتحين في بيئة جديدة عنهم وبعيدة عن أوطانهم. وأول هذه الموضوعات ما نسميه بشعر الحنين، ونعني به ذلك الشعر الذي يعبر عن أشواق الشاعر التي كانت تملأ جوانبه، وعن المواجع التي كانت تلذع كبده، نتيجة بعده عن وطنه، عندما يتذكر مرابعه الأولى فيحن إليها، ويذكر أهله الذين فارقهم، ويتمنى لقاءهم فيشكو بعده واغترابه عنهم، كهذا المجاهد الذي يشكو غربته إلى قمرية خالها غريبة مثله في مرو الشاهجان فقال:

أقمرية الوادي التي خان إلفها ... من الدهر أحداث أتت وخطوب

تعالي أطارحك البكاء فإننا ... كلانا بمرو الشاهجان غريب١

وكما يسكب الشاعر الغريب عواطفه على الطيور ويشكو إليها همومه يفزع إلى طبيعة دياره التي خلفها وراءه، عندما يعاني من قسوة أجواء هذه المناطق النائية وبردها وثلجها، فيتحسر على دفء موطنه، كهذا الشاعر الذي راح يذم جو مرو، ويتمنى جو العراق في بره وبحره؛ إذ يقول:

وأرى بمرو الشاهجان تنكرت ... أرض تتابع ثلجها المذور

أسفي على بر العراق وبحره ... إن الفؤاد بشجوه معذور٢

وإن كان هذا الشاعر يذم برد مرو شوقًا إلى دفء العراق، فإن شاعرًا آخر من الفاتحين يضيق بقيظ بعض المناطق البعيدة الأخرى عن وطنه، ويتنسم برد رياح نجد،


١ ياقوت ج٢، ص٥١٠.
٢ نفس المرجع.

<<  <   >  >>