للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأسلوب الواقعي]

وتأسيسًا على ما تَقَدَّمَ، فإن النمذجة الصحفية في مقال طه حسين تقوم على أسلوب واقعي يتصل بحياة المجتمع وأحداثه الخارجية، ذلك أن المقال الصحفي يفترض وجود رأيٍ عام يخاطبه ويتحدث إليه، فإذا كان المقال الأدبي يدخل في اعتباره عواطف الفرد ووجدانه، فإن المقال الصحفي يهتم بما يسمى "بالوجدان الجماعي".

وعلى ذلك, فإن بلاغة المقال الصحفي ترتبط بواقعية أسلوبه, وارتباطه دائمًا بالجو الاجتماعي، والظروف السياسية المحيطة به، حتى أننا لا نكاد نفهم هذه المقالات الصحفية في العصور المتقدمة دون الإحاطة التأمَّة بالبيئة الاجتماعية؛ وخصائص العصر الذي كُتِبَتْ فيه. ومن المعروف كذلك أن الآداب الخالدة، والمؤلفات الكبرى لا تَتَطَلَّبُ في دراستها مثل هذا العناء الذي تتطَلَّبُه القِطَع الأدبية التي يكتبها أدباء الطبقة الثانية؛ لأن الآداب العظمى الرفعية تتصل بعواطف الإنسان الثابتة، وترتبط بعلاقات بشرية خالدة، أما الصحافة فإنها تدور حول أمور اجتماعية ومناسبات معينة, لذلك كانت كتابات الطبقة الثانية في الأدب والصحافة أيضًا ذخيرة هامة للمؤرِّخ وعالم الاجتماع، تتفوق في قيمتها الاجتماعية ودلالتها التاريخية على الآداب الإنسانية الرفيعة التي يهتمُّ بها الأدباء والنقاد وعلماء الجمال.

<<  <   >  >>