للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأسلوب الصحفي]

وتأسيسًا على ما تَقَدَّمَ، فإن الأسلوب الصحفي في مقال طه حسين يقوم على خصائص عقلية، تحدثنا عن طرف منها فيما تَقَدَّمَ، ولكن هذه الخصائص العقلية ترتبط بخصائص فنية في التعبر ارتباطًا وثيقًا، في إطارٍ من عناصر الأصالة والتجديد التي تميِّزُ مقاله على العموم، وتميِّزُ معجمه اللغوي ومناهجه في التأليف والتركيب، ولذلك يذهب طه حسين إلى أن "مذهبنا في تصوُّرِ الأشياء مهما يختلف فسينتهي دائمًا عند طائفة من الأصول التقليدية لا سبيل إلى التَّحَوُّلِ عنها"١, ومصادر هذه الأصول عند طه حسين تتمثل في طبيعة اللغة العربية وثقافته القرآنية٢، والمحافظة التي يتماز بها الجيل العربي بين الأجيال٣، ولقد كان للجماعة اللغوية الأزهرية فضل تأسيس الملكات الأولى لطه حسين، فكل ما يمتاز به أسلوبه من الرصانة القوية، والفصاحة العربية الممتازة, يرجع إلى هذه الفترة التي تعلَّم فيها دروس الأدب على شيوخ الأزهر وخاصَّة الشيخ المرصفي٤، ويرجع هذا الأسلوب قبل كل شيء إلى التقويم القرآني للسان العربي "فالذين يحفظون القرآن في الصبا، ويكثرون قراءته ويجددونها, أصحُّ الناس نطقًا بالعربية وأقلهم تخليطًا فيها" كما يقول طه حسين٥، الذي يذهب كذلك إلى أنَّ القرآن هو الذي حفظ لغته العربية أن تذوب في اللغات الأجنبية الأوربية التي أجادها فأتقنها٦.

وليس أدلَّ على ذلك من أن الأسلوب الصحفي في مقال طه حسين قد عني بفصاحة اللفظ وجزالته ورقيق الأسلوب ورصانته٧، فلغته المعَرَّبة الفصحى مقوِّمٌ أساسيٌّ من مقوماته، أو هي القوام الأساسي الأول بين مقوماته٨، وهو لذلك لا يقبل "التفريط ولو كان يسيرًا في هذا التراث العظيم الذي حفظته لنا اللغة العربية الفصحى"٩, ويذهب إلى أن العامية "خليقة أن تفنى في


١، ٢، ٣ ألوان ص١٣، ١٤.
٤ الدكتورة سهير القلماوي: مجلة الهلال فبراير ١٩٦٦.
٥، ٦ سامي الكيالي: مرجع سبق ص١٠.
٧، ٨ ألوان ص١٤.
٩ سامي الكيالي: نفس المرجع ص١٠٧.

<<  <   >  >>