للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فن العمود المتخصص]

وفي صحافة طه حسين نجد هذا المقال العمودي يتجه صراحة إلى التخصص، في مواجهة التغير الثقافي في المجتمع المصري، ومتطلبات التنوير والتغيير، بحيث ينطبق على هذا اللون المقالي ما يذهب إليه بعض علماء الفن الصحفي١، من أن الأعمدة المتخصصة سوف تحتل أهمية خاصة في المستقبل، تقتضي الدراسة المدققة لها، لأن هذه الأعمدة تعكس اهتمامات القراء التي ترتبط بالحياة الواقعة المحيطة بالفن الصحفي، وهي تتعادل مع كل إبداع أدبي معروف لدى الكُتَّاب، كما أنها تتسم بسماتهم سواء بروح الفكاهة، أو الجدية الصارمة, كما يدور بعضها في فلك الاهتمامات الانسانية٢، ولكنها تتفق جميعًا مهما تنوَّعَت أشكالها التحريرية وموضوعاتها المعبَّر عنها، في أنها تنشر دائمًا تحت عنوان ثابت، وفي مكان ثابت من الصحيفة لا يتغير أبدًا٣، كما أنها تحمل توقيع الكاتب الذي تحمل طابعه في أسلوب التفكير والتعبير٤، وهي أمور تجمع بين أشكال التحرير في العمود الصحفي، كذلك بالقياس إلى طه حسين. ذلك أن أساليب التحرير في مقاله طه حسين، والتي عرضنا لبعضها فيما تَقَدَّمَ، اتخذت في كثير من الأحيان شكل العمود المتخصص، فكانت تنشر في مكان ثابت دائمًا، وفي موعد ثابت "أسبوعي في الغالب", وبعنوان ثابت لا يتغير؛ فمقالاته التنويرية عن "القصص التمثيلية" نشرت في صحيفة "السياسة" في الصفحة الخامسة معظم الأحيان، أيام الآحاد دائمًا, تحت عنوان ثابت أسماه: "أدب الغرب"٥. وكذلك مقالاته ورسائله التي كتبها من باريس ومن أقصى الغرب الفرنسي ومن بلجيكا وفيينا، اتخذت نفس الشكل العمودي، الذي اتخذ عنوانًا ثابتًا بدوره هو "من بعيد", وظل يؤثر هذا العنوان الثابت في مقالاته التي كان يكتبها في صحيفة "الجمهورية"٦،


١، ٢ المرجع السابق ص٢١٥.
٣، ٤ المرجع نفسه ص ٢١٥.
٥ نشر هذا العنوان الثابت لمقاله التنويري ابتداء من عدد ٢٨ يناير ١٩٢٣ من "السياسة" في يوم الأحد، وقد سبقت هذا العنوان مقالات تنويرية أخرى احتلت نفس المكان، ولكنها لم تتخذ هذا العنوان الثابت مثل الأبناء والآباء" عن قصة "كبار الصبية" لبول جيرالدي في "السياسة" عدد ١٤ يناير ١٩٢٣.
٦ الجمهورية في ٢ يوليو ص٥٩، ٢٩ يوليو ١٩٧٦.

<<  <   >  >>