للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دولة الغساسنة، عاصمتها بصرى:

تؤكد الروايات أنه حوالي نفس الوقت الذي كانت فيه الدولة "التدمرية" آخذة بالزوال كانت إحدى القبائل العربية تشق طريقها إلى "حوران" وهؤلاء هم "بنو غسان" الذين ينسب سبب رحيلهم عن اليمن إلى تصدع قديم في "سد مأرب" وتنصر "الغساسنة" خلال القرن الرابع.

وكان مؤسس سلالتهم شخص يسمى: "جفنة بن عمرو مزيقياء" الذي لا يعرف تاريخه بوجه التأكيد، وفي التواريخ العربية يختلف عدد الملوك بين أحد عشر، واثنين وثلاثين. ويسمى الغساسنة أيضا بآل "جفنة" أو "بأولاد جفنة" وذلك لأن: أول ملوكهم هو: "جفنة بن عمرو مزيقيا بن عامر"، ويفسر الإخباريون سبب تسمية "عمرو بن عامر" بـ: "مزيقياء" بتفاسير عدة: منها "قول حمزة الأصفهاني": وتزعم الأزد أن عمرا إنما سمي "مزيقياء"؛ لأنه: كان "يمزق كل يوم من سني ملكه نميرة فسمي هو مزيقيا" وسمي ولده "المزاقية" وقيل: إنما سمى "مزيقيا"؛ لأن الأزد تمزقت على عهد كل ممزق، عندما تهدم سيل العرم.

ويعتقد نولدكه: أن هذا هو التفسير الصحيح، وهو يرى أنه مأخوذ من الآية الكريمة من قوله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} [سورة سبأ: ١٨] .

وهناك من يسمي الغساسنة بآل ثعلبة؛ نسبة إلى جد آخر يسمى ثعلبة١.

ملوك الغساسنة والنصرانية:

كان "الحارث بن جبلة -حوالي ٥٢٦-٥٦٩" أول هؤلاء الملوك، وأعظمهم الذي يظهر لأول مرة عام ٥٢٨، وهو يحارب "المنذر" الثالث اللخمي ملك الحيرة. واللخميون أصلهم أيضا من جنوب الجزيرة العربية كانوا يسكنون على طول الحدود الغربية للإمبراطورية الفارسية، واستخدموا كدولة حاجزة بنفس الطريق التي استخدم البيزينطيون بها الغساسنمة، واعترافا بخدمات "الحارث" فقد عينه الإمبراطور "يونستنيان" في العام التالي سيدا على كل القبائل العربية في سورية، ومنحه لقب "فيلارك" رئيس قبيلة وبطريق.

وفي عام ٥٤٤ أسر "المنذر" أحد أبناء "الحارث" وقدمه ضحية للآلهة "العزى" التي تقابل "أفروديت"، وانتقم "الحارث" لنفسه بعد عشر سنوات في معركة حاسمة جرت قرب "قنسرين" حين قتل غريمه اللخمي وقام "الحارث" في


١ تاريخ العرب القديم وعصر السول ص١٥٣.

<<  <   >  >>