للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[كيف دخلت المسيحية مكة والجزيرة العربية]

كانت هناك روافد حملت المسيحية إلى الجزيرة العربية، بل إلى مكة ذاتها هي:

١- الاضطهاد الذي وقع على المسيحية منذ المسيح ذاته جعل أتباعها يبحثون عن أماكن في كهوف الجبار وبطون الصحرء ليتواروا عن أعين الرقباء من الرومان.

٢- رحلات قريش التجارية ونظرية تقسيم الناس إلى أحرار وعبيد شاركت بدورها في إدخال المسيحية إلى مكة.

٣- دخلت المسيحية الجزيرة العربية دخولًا رسميًّا على يد "الحارث الغساني".

٤- دخلت المسيحية قلب مكة مع الغزو الحبشي لها.

٥- ظهور جماعة يدعون بالحنفاء يرمون وراء تحنفهم سحب الثقفة الدينية من الأوثان، ثم طلبوا أديانا شتى فبعضهم طلب الحنفية وبعضهم طلب الأوثان وبعضهم طلب المسيحية.

وإذا كانت المسيحية قد دخلت مكة فإلى أي حد انتشرت؟

بقيت المسيحية رهينة لغتها السريانية أو الرومانية فلم تنتشر انتشارا ملحوظا لا من قريب ولا من بعيد، وكل الذين اعتنقوها من العرب هم الذين كانوا على صلة باللسان الأعجمي

فلم ينتشر كتابها المقدس؛ لأنه لم يترجم إلى اللغة العربية، كذلك شعائر صلاتها "القداس" لم تترجم.

ليس معنى وجود المسيحية وانتشارها بين العرب تعلُّمَ الرسول منها وأنها كانت مصدره في تأليفه للقرآن؛ لأن الرسول ادعى النبوة وكان الوحي مصدره فيما قال وفيما يفعل، وقامت شواهد الواقع والتاريخ على صدق دعوته، ثم كان القرآن من أكبر شواهد الأدلة بيننا عليه.

وأما ما بينهما من عناصر متشابهة ومثلها اليهودية فإن القرآن نفسه حسم ذلك حين قال إن ما أنزل على محمد ليس بدعا عما نزل على غيره من الرسل: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} ... ١ الآية، ويصبح كل بحث يحاول أن يبرز


١ سورة الشورى الآية ١٣.

<<  <   >  >>