للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[في مبادئ المعرفة البشرية]

١- "في أنه للفحص عن الحقيقة يحتاج الإنسان مرة في حياته إلى أن يضع الأشياء جميعا موضع الشك بقدر ما في الإمكان":

من حيث إننا كنا أطفالا قبل أن نكون رجلا، وإننا قد أصبنا حينا وأخطأنا حينا آخر في الحكم على الأشياء التي عرضت لحواسنا حينما لم نكن قد استكملنا بعد استعمال عقولنا، فإن أحكاما كثيرة قد تعجلنا في إطلاقها تمنعنا من الوصول إلى معرفة الحقيقة، وتتشبث بنفوسنا تشبثا يلوح لنا معه أن من المحال أن نتخلص منها ما لم نشرع مرة في الشك في جميع الأشياء, التي قد نجد فيها أدنى شبهة من قلة اليقين.

٢- "في أن من النافع أيضا أن نعد جميع الأشياء التي يمكن الشك فيها غير صحيحة":

قد يكون من النافع جدا أن نعد الأشياء التي قد تتخيل فيها أقل شك غير صحيحة، حتى إذا وجدنا أن بعضها رغم هذا الاحتياط، يبدو لنا بجلاء أنه صحيح، واعتبرناه يقينيا جدا, وعددناه أسهل ما يمكن معرفته١.

٣- "في أنه لا ينبغي أن نستعمل هذا الشك في تدبير أفعالنا":

على أن بودي أن نلاحظ أني لا أقصد أن نستعمل الشك على هذا النحو إلا حين نشرع في العكوف على تأمل الحقيقة؛ لأن من المحقق أننا فيما يختص بسلوك حياتنا مضطرون في معظم الأحيان إلى متابعة آراء ليست إلا احتمالية؛


١ يقول ديكارت في "المقال": "وقد بدا لي أنه كان من اللازم ... أن أطرح في عداد الخطأ كل ما أستطيع أن أتخيل فيه أقل شك؛ كيما أرى هل يتبقى بعد ذلك شيء في معتقدي لا يرقى إليه الشك أبدًا". ""المقال" القسم الرابع".

<<  <   >  >>