للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى، أو بعبارة أخرى: لا يحمل معنى يمكن وصفه بالصدق أو الكذب, أي: إن صفات أية كلمة هي التي تحدد مفهومها، تلك الصفات التي تخضع للحس ويمكن عن طريق التجربة التثبت من مدى صحة معناها, وفي هذا يقول الوضعيون المناطقة:

"ولما كانت العلوم تبحث عن "طبيعة" الإنسان أو جوهره أو ماهيته أو حقيقته التي تخرج عن نطاق هذه العلوم ومناهجها، ظن أصحاب الفلسفة الميتافيزيقية أن "مفهوم" الإنسان لا يتيسر عن طريق هذه العلوم ومناهجها التجريبية القاصرة, ووكلوا إلى الفلسفة مهمة حل هذا الإشكال المزعوم".

هكذا يقدم التحليل المنطقي للألفاظ في رأي هذه المدرسة حلا لذلك الإشكال الذي تعتقد أن الفلاسفة التقليديين قد وقعوا فيه، وتؤكد أن ما تقدمه العلوم من مادة عن الإنسان باعتباره فردا معينا كافٍ في تصور مفهومه.

إن المنطق من وجهة نظر تلك المدرسة هو جوهر الفلسفة, إذ يقرر كارناب أن المهمة الرئيسية للفلسفة هي تحليل العلم كما سبق أن ذكرنا، بينما يحصر الفيلسوف الإنجليزي المعاصر آير مفهوم الفلسفة في نطاق الألفاظ والتعريفات, مؤكدا أن كل مهمتها هي أن تعمل على توضيح معرفتنا التجريبية بترجمتها إلى قضايا تنصب على مضامين حسية, وما عدا ذلك يعتبر قضايا زائفة.

يشرح ذلك ما ذكرناه من أن الوضعية المنطقية لا تعترف بما تعارف المفكرون على تسميته بالمشكلات الفلسفية, وتنظر إليها على أنها مجرد غموض في استخدام الرموز اللفظية التي يكفي توضيحها, أو سلامة استخدامها لتتلاشى تلك المشكلات وكأن لم تكن١.


١ المرجع السابق، ص١١، توفيق الطويل، أسس الفلسفة، ص٦٠، ٦١، زكريا إبراهيم، مشكلة الفلسفة، مرجع السابق، ص٧٦.

<<  <   >  >>