للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبرتراند راسل مثلا -وهو من أعلام الفلسفة التحليلية المعاصرة- يعلق صواب الفكرة على أسبابها الكائنة في الماضي حتى "تستقل الحقيقة عن إرادتنا في الحاضر والمستقبل معا، وبذلك لا تتغير الحقيقة كلما أمكننا تغيير المستقبل".

إن جوهر الخلاف بين الرأيين هو أن نقاد البراجماتية يرون أن "الأفكار تؤدي إلى نتائج مرضية؛ لأنها صادقة" بينما يظن البراجماتيون أن "الأفكار صادقة؛ لأنها تؤدي إلى نتائج مرضية". وتبدو خطورة البراجماتية من قول ويليام جيمس: إن الفكرة الواحدة قد تكون صادقة في وقت ما "أي: حين تؤدي إلى منفعة" ثم باطلة في وقت آخر "حين تفشل في تحقيق منفعة", أو أكثر من ذلك: إن الفكرة الواحدة تكون صوابا عند إنسان, وخطأ عند إنسان آخر.

إن مكمن الخطورة في ذلك هو أن التسليم بذلك المنطق البراجماتي المقلوب يفرض علينا قبول الأخطاء "أو بصراحة أكثر السياسات الشريرة" كحقائق صادقة في وقت ما, إذا أثبتت التجربة أنها في ذلك الوقت قد حققت منفعة, أو فائدة عملية "لدولة عظمى مثلا".

انتقدت الماركسية أيضا١ ادعاء الفلسفة البراجماتية بأن هدفها هو التغلب بصفة نهائية على الخلافات الفلسفية. فالمنهج البراجماتي من وجهة نظر ويليام جيمس هو منهج لحل المنازعات الميتافيزيقية بالدرجة الأولى, والتي لولاه لظلت تلك المنازعات بلا حل. بينما ترى الماركسية أن جوهر ذلك المنهج يتضاءل حتى يتركز حول موضوع الحق الذي على ضوئه تصبح أية فكرة صادقة إذا


١ Th. Oizerman, Problems of the History ofPhilosophy, op. cit., pp. ٤٥١, ٤٥٢; cf., W.James, pragmatism, op. cit., pp. ٤٥,٧٥. ٥٨; cf., Also, B. Russel, History of Western Philosophy, op. cit., p. ٨٤٤.

<<  <   >  >>