للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طرأ تطورا في العصر الحديث, فقد أدخل ديكارت تعديلا جعل الميتافيزيقا بمقتضاه مدخلا للعلوم ثم هبط منها إلى العالم المحسوس. إن هدف الميتافيزيقا عنده هو تفسير الوجود عن طريق المبادئ الأولى التي تزودنا بها, أي: إن ديكارت بدأ فلسفته بالشك الذي انتهى عنده إلى اليقين بوجود نفسه كذات تفكر, ثم انتقل من إثبات الأنية بالفكر إلى البرهنة على وجود الله وتحديد صفاته التي تجعله ضامنا للعقل في تفكيره. من هذا توصل إلى إثبات العالم الخارجي, إذ بدأ بالميتافيزيقا وانتهى إلى الفيزيقا خلافا لما ذهب إليه أرسطو وأتباعه.

إن أهم النقاط التي يتناولها المذهب الروحي تؤكد على أن الأشياء الكامنة وراء الظواهر المحسوسة روحية في أصلها. وهناك علاقة بين النفس والجسم وبين التفكير والمخ, ولكنها ليست علاقة عليه. فالجسم ليس علة النفس والمخ ليس علة التفكير؛ ذلك لأن المخ مادة والمادة لا تفكر ولا تشعر.

ولإثبات أسبقية الروح, وأنها أو العقل مصدر للظواهر المادية والبدنية يرى المذهب الروحي أن الإنسان لا يستطيع إدراك الأشياء بالحواس وإنما يعرفها بالتفكير المجرد وحده, ومن ثم تكون الطبيعة روحية. إلا أن هناك خلافات بين أنصار ذلك المذهب حول تفسير طبيعة العقل أو الروح. فمنهم من يسلم بغلبة التفكير, ومنهم من يؤكد على العاطفة أو على الإرادة.

ينقسم المذهب الروحي إلى مدرستين: مذهب الروحية الواحدي ويؤمن هذا بالمثالية المطلقة, ومن أبرز أعلامه فيتشه وهيجل وشيلينج وشوينهاور. والثاني هو مذهب الروحية المتكثرة. وسنتناول الأخير بشيء من التفصيل.

<<  <   >  >>