للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظهرت في الوقت نفسه الحاجة إلى عدم التركيز المغالى فيه على ظواهر أخرى مثل الانتخابات وعملية الاشتراك فيها بسبب تدهور أهميتها, ومعدل تكرار حدوثها بالقياس إلى الظواهر آنفة الذكر. ناهيك بالصعوبة المزدوجة التي يواجهها الباحث إذا تعرض للظروف والأحداث التي تكتنف الانتخابات في دول العالم الثالث حيث تنتشر الأمية، وحيث أصبح تزوير الإرادة الشعبية تقليدا ثابتا.

ولا تعني الدعوة إلى الاهتمام المتوازن بالظواهر السياسية المعاصرة الاتجاه إلى إهمال الانتخابات بأي حال من الأحوال، وإنما تعني ترشيد الدراسة السياسية، بحيث تتجه إلى دراسة العراقيل والأسباب التي أدت إلى ضعف فعاليتها كأسلوب ديمقراطي للتعبير عن آراء الأغلبية.

وغير خافٍ أنه في أكثر الدول تقدما في العالم الغربي تسفر الانتخابات بشكل لافت للنظر عن أوضاع غير مستقرة, بل وأحيانا عن أوضاع تزيد من تعقيد الموقف السياسي بدلا من إظهار حقيقة الإرادة الشعبية, وترسيخ القيم الديمقراطية.

وتدل الدراسات السياسية على تزايد الإحجام عن الاشتراك في التصويت بسبب عوامل متعددة لعل منها تفاقم مشاعر الاغتراب لدى كثير من الناخبين في ظل النظام الرأسمالي, وخاصة في الولايات المتحدة، وازدياد حدة الصراع الاجتماعي وعدم المساواة والتمييز العنصري واضطهاد الأقليات.

إذا انتقلنا بعد ذلك لدراسة المؤسسات، سنجد أنها كموضوع للبحث تتمتع بتماسك قلما يتوفر لأي موضوع أو ظاهرة أخرى في علم السياسة، علاوة على أنها أكثر فروعه تفصيلا وإحكاما لاعتمادها على قواعد العرف والنصوص القانونية واستفادتها من دقة المصدر، ووضوح الرؤية١.


١ Marcel Prelot, La Science Politique, op. cit., p. ٨٣.

<<  <   >  >>