للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن الشغل الشاغل لكثير من تلك الحكومات هو إما التحضير للحرب, أو وضع الخطط والاستعداد لصد العدوان الخارجي.

وعندما ينحصر مفهوم المؤسسات في المكاتب والوكالات والمواثيق التي تقننها، فإنه لا مكان للثورة أو الحرب، ويعتبر كل من الحرب الأهلية والعالمية في هذه الحالة شيئا غريبا على السياسة؛ ومن ثم يفشل علماؤها في تقييم الأحداث السياسية الهامة١.

ليس معنى ذلك أن كل اختيار للمؤسسات السياسية كمدخل للدراسة لا بد وأن يكون ذا مفهوم ضيق, بل يمكن الأخذ بتعريف أوسع -كما أسلفنا- ينظر إلى المؤسسة كنموذج مستقر ومعترف به لسلوك الجماعة يعكس الانسجام, والتناسق في سلوكها مما يحث الأفراد أيضا على الطاعة والنظام. بهذا المفهوم الواسع للمؤسسات يمكن العثور على المعايير الواقعية للاختيار التي نبحث عنها, وإن كان ليس بالقدر المأمول, أي: إنه في حالة تبني ذلك المدخل يتحتم الاستعانة بمدخل آخر للبحث لضمان سد الثغرات.


١ Dyke, pp. ١٣٧-١٣٨, D. C. Scwartz, "Toward a More Relevant ant Rigorous Political Science, op. cit., pp. ١١٥-١١٦.
يحوي هذا البحث الهام الأخير في جانب منه ما يمكن اعتباره دليلا على الفشل المشار إليه, إذ أجرى شفارتز تحليلا ذا مغزى لمحتويات الدراسات التي نشرت خلال الفترة من عام ١٩٦٠ إلى ١٩٧٠ في سبع من أشهر الدوريات العلمية في العلوم السياسية, وأوسعها انتشارا بالولايات المتحدة. ومن بين مئات المقالات التي نشرت خلال تلك الأحد العشر عاما لم تركز أي منها بصفة أساسية على مشاكل التجمهر السياسي, وسلوك ما أسماه "بالرعاع" والاضطرابات السياسية ومظاهر الاحتجاج المختلفة. ولم تكن هناك سوى مقالة واحدة عن الاضطرابات في المدن الأمريكية، وأخرى عن الاغتيالات السياسية في الولايات المتحدة خلال الستينات، وست مقالات فقط عن الاحتجاجات السياسية. بينما تناولت أغلبية الدراسات مشاكل الانتخابات والاشتراك فيها. انظر في ذلك البحث أيضا الجداول التفصيلية, والنسب المئوية لتكرار تلك الظواهر, وذلك في الصفحات المشار إليها.

<<  <   >  >>