للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التحالف، واحتمال انسلاخ قوى لها وزنها في غرب أوروبا من القلعة الإمبريالية، وعدم اتضاح مستقبل الخلاف بين الاتحاد السوفيتي, والصين الشعبية.

إلا أن العين لا تستطيع أن تخطئ اتجاه مجرى التاريخ, وإن البشرية تسير بخطا ثابتة نحو تقليم أظفار العدوان الإمبريالي واستئناس ما تبقى من النظم الرأسمالية, واستئصال بؤر التعصب العنصري في إسرائيل وجنوب إفريقيا مما سيجعل من الممكن الانتقال إلى حضارة إنسانية أرقى, تقوي جانب الخير في البشر ومشاعر الانتماء إلى كوكب واحد في مواجهة كواكب وأجرام سماوية أخرى بدأ الإنسان يتطلع إليها في ذلك الكون الواسع لخير البشرية جمعاء.

يستلزم كل ذلك كما ذكرنا في البداية عبور الفجوة التي تفصل بين التقدم العلمي والتكنولوجي الكبير, وبين الفوضى الفكرية ومحاولات التضليل التي تهدد كل تلك المنجزات, وإن كان هذا يحتاج -ضمن ما يحتاج- إلى الاستفادة القصوى من المكتشفات والعلوم الحديثة من أجل ابتكار, وتطوير مداخل ومناهج للبحث العلمي؛ لتقوم بدورها الهام في تحقيق مزيد من الوضوح الفكري, وترتيب الأولويات, وتحديد الأهداف.

تنطلق دراستنا من الحقيقة المعروفة عن الارتباط الوثيق بين مناهج البحث, وكثير من العلوم الاجتماعية والطبيعية والرياضية, لكن على ضوء ما سبق، ونظرا للطبيعة المميزة للعلوم الاجتماعية بشكل عام, وللعلوم السياسية بشكل خاص من حيث تأثرها بقيم وأيديولوجيات ونظم اقتصادية وسياسية، فإن دراسة مناهجها تحتاج إلى إشارة ولو عابرة إلى الفلسفات والأساليب المنطقية التي تبادلت التأثير والتفاعل مع تلك المناهج، آخذين في الاعتبار أن الفلسفة والمنطق لم يتطورا في فراغ, وإنما عكسا مراحل التطور الثقافي والحضاري للمجتمعات البشرية.

لهذا، وتوفيرا لفهم أعمق للمناهج والمداخل -موضوع البحث- سنتناول في الباب الأول بإيجاز أهم المدارس والتيارات الفلسفية, وفي الباب الثاني نعالج المفهوم الليبرالي لمداخل ومناهج البحث، ثم نتناول في الباب الثالث المفهوم الماركسي لمناهج البحث، وفي الباب الرابع نبحث العلاقة بين العلم والمنهج.

<<  <   >  >>