للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهدافه ومثله, وبالتالي يصبح من المستحيل التمييز بين السلطة والثروة. كما أنه تعريف ضيق؛ لأنه يشير إلى السلطة كشيء مادي ملموس, وهو وصف صحيح وإن كان يمثل أحد جانبي الحقيقة. فكما أن السلطة أحيانا قد تكون ذات طابع مادي, فإنها في أحيان أخرى قد لا تكون كذلك.

هذا الازدواج هو بالضبط الذي يعطي للسلطة صفتها الديناميكية المحيرة التي نحس بها, ولكن نجد من الصعب تفسيرها.

أثرت نظرة هوبز إلى السلطة من هذه الزاوية على الكتابات العلمية من بعده, وخاصة تلك التي اهتمت بتأصيل فكرة الفصل بين السلطات كما عبر عنها مونتسكييه مثلا. فقد تناولت تلك الكتابات السلطة كما لو كانت قطعة من الكعك يقع على الدستور عبء تقسيمها بين أطفال أشقياء يحاول كل منهم الحصول على نصيب أكبر مما يجب أن يحصل عليه. نفس هذا الخطأ الذي ينظر إلى السلطة من زاوية واحدة وقع فيه جون لوك وإن كان قد عبر في كتابات أخرى له عن رأي أدق من ذلك أنكر فيه مقولة: إن السلطة هي شيء في المحل الأول, وأشار إليها على أنها علاقة١.

في الثلاثينات من القرن العشرين، انتهى أحد علماء السياسة إلى أن "المجال الصحيح لعلم السياسة ليس هو دراسة الدولة أو أية مؤسسة أخرى، وإنما هو دراسة كل جماعة يمكن أن تكون مثالا لمشكلة السلطة"٢. ثم ظهر في الخمسينات تعريف يقول:

"إن الاهتمام الأول لعلم السياسة هو السلطة السياسية في المجتمع من حيث طبيعتها وأسسها وخطوات عملها ومجالها ونتائجها. إن جوهر اهتمام عالم السياسة


١ Ibid., p. ١٦٠; John Locke, An Essay Concerning Human Understanding, Book II, chap. ٢١; Essays on Civil Government, Bookj II, [p. ٤ cited by C.J. Friedrich, op. cit., p. ١٦٠.
٢ Frederick] Watkins, The State as a Concept of Political Science, New York ١٩٣٤, p. ٨٣, quoted by Dyke, p. ١٤٠.

<<  <   >  >>