للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الليبرالية في مجال الواقع, ويطرحون من جانبهم قيما أخرى, شارحين وسائل تحقيقها.

ثم أدخل كارل مانهايم تعديلات على المفهوم السابق للأيديولوجية, وأضاف إليه أن المعتقدات ترتبط بوضع المشاهد الذي يعيش في بيئة ما. فخبرة الناس التي يكتسبونها من المعيشة في المجتمع هي التي تصوغ مفهومهم لطبيعة مصالحهم، وبالتالي فإنهم ينظرون إلى المشاكل الاجتماعية على ضوء مصالحهم. فمعتقداتهم إذًا -أي: أيديولوجياتهم- هي انعكاسات لمصالحهم, ولا يصح تناولها كشيء واقعي١.

إن الجدير بالملاحظة أن النتيجة التي انتهى إليها مانهايم من أن كل المعتقدات تتأثر بمصالح معتنقيها وبوضعهم الاجتماعي تتفق مع رأي ماركس القائل بأن الأفكار هي من خلق ظروف الحياة المادية المتغيرة. ويقر مانهايم أن المعيار الاسمي للخطأ والصواب يكمن في اختبار الشيء ذاته وإن كان يستدرك بأن ذلك الاختبار ليس عملا منعزلا, بل يتم في وضع يتأثر بالقيم والدوافع الإرادية٢.

وبغض النظر عن المفهوم الذي سيؤخذ به لاصطلاح أيديولوجية، فإن ما يمكن أن يسمى بمعتقدات أيديولوجية تزود معتنقيها بدوافع ومبررات للعمل مع ما يصحبها من قواعد وتعاليم. وعندما تشتمل تلك المعتقدات على أيديولوجية فإنها -أي: المعتقدات- لا تكون عشوائية فجة, وإنما ترتبط ببعضها في بناء فكري متماسك.


١ Karl Mannheim, ldeology and Utopia "An lntroduction to the Sociology of knowledge", London ١٩٦٠ "first publ. ١٩٣٦", pp. ٤٩ ff.
٢ lbid., p. ٤.

<<  <   >  >>