للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن يكون ممكنا إثبات صحة المعرفة المكتسبة١.

غير أن استخدام المناهج الكمية لا يعني اختفاء الاختيارات الذاتية. فالباحث هو الذي يختار السؤال المطروح, أو الفرض المطلوب اختبار صحته متأثرا في ذلك بخياله وحدسه, ومدى نفاذ بصيرته التي تلعب كلها دورا هاما في هذا الاختبار.

إن مدى رجاحة حكم الباحث, وما قد يتمتع به من صفات أخرى تلعب دورها إذا لزم الأمر تعريف المفردات المختلفة موضع العد والقياس أو تصنيفها بهدف التبسيط، أو إذا أريد أخذ عينات أو عمل استفهامات.

لهذا, فإن العوامل الذاتية -لا شك- تؤثر في جدوى, وربما في صحة النتائج التي يتم الحصول عليها بتطبيق المناهج الكمية. أي: إن المنهج يسمى منهجا كميا إذا احتاج بعد حد معين إلى العد, أو القياس وفقا لقواعد واضحة ومحددة٢.

على العكس من ذلك يتجلى الكيف في مجموعة من الخصائص والصفات التي يميز كل منها أحد جوانب الشيء أو الموضوع, كما يعطي الكيف الفكرة العامة عن الموضوع ككل. بهذا يستطيع الكيف تحديد نوعية الشيء وتمييزه عما عداه من الأشياء الأخرى التي لا تحصى ويزخر بها عالمنا. أي: إن لكل الأشياء والظواهر كيفا أو نوعا خاصا يمكننا من تعريفها, والتمييز بينها.

يمكن إثبات ذلك عند ملاحظة, أو دراسة الظواهر الطبيعية للفلك والمعادن والسوائل والغازات, أو عند التفرقة بين جسم حي وجسم ميت. بالمثل تختلف الظواهر الاجتماعية من الناحية الكيفية, فحيازة بعض الأمراء لأراضٍ واسعة


١ Dyke, p. ١٨١; Thomas C. McGormick and Roy G. Francis, Methods of Research in the Behavioural Sciences, New York ١٩٥٨, Chaps, ٥-٨; Maurice Duverger, Methodes De La Science Politique, op. cit., pp. ١٠٥ff.
٢ Ibid., p. ١٠٩.

<<  <   >  >>