للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان طبيعيا أن تتأثر تلك الدراسات بظروف الحياة, ومستوى التقدم العلمي والفني والإنتاجي في كل عصر وهو ما ظهر على شكل ارتقاء مستمر في أساليب التفكير, والتأصيل المنهجي كلما حققت البشرية خطوات إلى الأمام.

لهذا ينطلق الماركسيون من فرض يقول بأن معرفة الواقع -أي: الطبيعة والمجتمع- هي ضرورة لإمكان تغييره. ولما كان الإنسان يعرف الواقع من خلال مختلف العلوم, فإن الحصول على معرفة يعتد بها لا يكون إلا عن طريق مفهوم علمي للعالم الذي هو الفلسفة الماركسية أي: المادية الجدلية.

وكما ظهرت فلسفات ومناهج بحث تعكس وتتلاءم مع أسلوب الملكية الفردية لوسائل الإنتاج, ظهرت أيضا فلسفات وتعديلات أساسية على مناهج البحث التقليدية تحاول تفسير الاتجاه المقابل نحو الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج الرئيسية, والاشتراكية بتطبيقاتها المتعددة.

لكن لم يكن المنهج المادي الجدلي أول المناهج, أو الكتابات التي دافعت عن ذلك الاتجاه المقابل. فقد سبقته كتابات كثيرة تعتبر ذات اتجاه مادي -ونواة مثالية في أغلب الأحوال١- وإن كان المنهج المادي الجدلي يعتبر أكثرها تطورا وتعبيرا عن الأساليب الجديدة للإنتاج والملكية الجماعية والفكر المصاحب لها.

ليس المقصود من كلمة مادية معناها الدارج المبتذل, وهو الرغبة العارمة في التمتع باللذات وحصر الفكر في الحاجات المادية للحياة فحسب. وقد رفض فردريك إنجلز زميل ماركس ذلك المفهوم, وعزاه إلى التحيز القديم ضد المادية أيام محاكم التفتيش, إذ يقول:


١ Friedrich Engels, "Ludwig Feuerbach and the End of Classical German Philosophy" in: Marx Engels, Selected Works, Vol. II, Moscow ١٩٥٥,p. ٣٧٢; G. Plekhanov, Selected Philosophical Works, op. cit., pp. ٥٣٧ff,
قارن: محمد محمود ربيع، منهج ابن خلدون في علم العمران، مرجع سابق، ص٢١٥، ٢٣٣-٢٣٦.

<<  <   >  >>