للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السنة يقع فيها النسخ كالقرآن]

قال في أعلام الموقعين: قالوا -يعني العلماء: النسخ الواقع في الأحاديث التي أجمعت عليه الأمة لا يبلغ عشرة أحاديث البتة ولا شطرها "صحَّ من العدد ٤٥٨٥ من الجزء الثالث".

ومن ذلك حد الخمر, فأنه أولًا لم يكن حدًّا، بدليل ان رجلًا شرب, فلما أخذ هرب لدار العباس مستجيرًا، فتبسم النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يحده١، ثم شرع النبي -صلى الله عليه وسلم- الحدَّ, لكن كان أولًا خفيفًا, وهو الضرب بأطراب أثوابهم وأرديتهم والنعال والأيدي وجريد النخل، ثم شرع الحدّ بالجلد، فقد ثبت في السن وغيرها: "إذا شرب الخمر فاجلدوه, فإذا شرب الثانية فاجلده, وإذا شرب الثالثة فاجلدوه, فإذا شرب الرابعة فاقتلوه" ٢، فصار الحد بالجلد, وأمر بالقتل في الرابعة. وفي رواية في الخامسة لكن لم يقتل أحد، فقد روى أبو داود عن قبيصة بن ذؤيب: "إذا شرب فاجلدوه, فإذا شرب الرابعة فاقتلوه، ثم أتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بمن شرب الرابعة فلم يكن قتل تخفيفًا من الله تعالى" ٣، وعليه فالقتل شرع بالسنة ونسخ بها.

ولما كان زمن أبي بكر قُوِّم عدد الضرب الذي كان في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأربعين جلدة، واستقرَّ العمل زمن أبي بكر على أربعين جلدة، فلما كان زمن سيدنا عمر كتب إليه خالد بن الوليد بأن الفسق كثر، وأن الناس استهونوا الأربعين فانهمكوا, فشاور المهاجرين والأنصار وفيهم علي، وطلحة،


١ أبو داود "ج٤/ ١٦٢".
٢ أبو داود "ج٤/ ١٦٤"، والترمذي "ج٤/ ٤٨"، والنسائي "ج٨/ ٢٨١"، وابن ماجة "ج٢/ ٥٨٩".
٣ أبو داود "ج٤/ ١٦٥"، وأخرج الترمذي نحوه عن جابر بن عبد الله "ج٤/ ٤٩"، وانظر الكلام في هذه المسألة في نيل الأوطار "ج٤/ ١٤٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>