للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البحث الرابع]

قال: وفي صحيفة ٢٧٠ ج١ ذكرتم إباية معاوية من الرجوع إلى قول أسيد في أمر السرقة١ وجعلتموه دليلا على استباحة معاوية، وقد كان في حمله على أنه رأى ما يوجد مخالفة ما رواه أسيد مندوحة هي اللائقة بجلال معاوية دينا وعلما وحرصا على الملة، فإن كثيرا من المجتهدين خالفوا الأحاديث لعلل كثيرة مذكورة في الأصول، ولعل معاوية استند للقياس، وهو مقدم على خبر الواحد عند كثير، منهم إمامنا مالك بن أنس رحمه الله وعليه فأمره لأسيد من باب القاضي يؤمر بأن يقضي بغير اجتهاده، والمسألة معروفة في الفقه، وقد بسطها المازري في شرح التلقين لعبد الوهاب، وللخليفة أن يولي القاضي على أن يقضي بقول فلان، كما اشترط الأندلسيون القضاء بقول مالك، وتقلد القضاة ذلك، ومنهم منذر بن سعيد وهو ظاهري، فكان لا يقضي إلا بقول مالك. ا. هـ. بحروفه.


١ أخرجه عبد الرزاق في المصنف "١٨٨٢٩" عن عكرمة بن خالد أن أسيد بن ظهير الأنصاري أخبره أنه كان عاملا على اليمامة وأن مروان كتب إليه إن معاوية كتب إلي: أيما رجل سرق منه سرقة، فهو أحق بها حيث وجدها، وقال: وكتب بذلك مروان إلي، فكتبت إلي مروان، أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بذلك بأنه إذا كان الذي ابتاعها من الذي سرقها غير متهم، يخير سيدها، فإن شاء أخذ الذي سرق منه بثمنه، وإن شاء اتبع سارقه، ثم قضي بذلك بعد أبو بكر وعمر وعثمان، قال: فبعث مروان بكتابي إلى معاوية، قال: فكتب معاوية إلى مروان، إنك لست أنت ولا أسيد بن ظهير بقاضيين علي، ولكني أقضي فيما وليت عليكما، فأنفذ لما أمرتك به فبعث مروان إلي بكتاب معاوية، فقلت: لا أقضي به ما وليت يعني بقول معاوية، وأخرجه أحمد "٤/ ٢٢٦"، والنسائي "٢/ ٢٣٣"، وإسناده صحيح وصححه الحاكم "٢/ ٣٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>