للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البحث الحادي عشر]

قال: في الصفحة ٣٥٦ قلتم: إن مذهب الحنفية أوسع المذاهب وأكثرها تسامحا على وجه الإجمال إلخ، وهذا حكم عسير يحتاج إلى موازنة في المذاهب في عداد المسائل، وأحسب أن التسامح والشدة حكمان مشاعان بين سائر المذاهب، وأمرهما لا ينضبط في آحاد المسائل.

ففي المذهب الحنفي الخيل: وعدم العمل بسد الذرائع، ومع ذلك ففيه شدة عظيمة في مسائل جمة من العبادات كنقض الوضوء من دم الجرح وعدم التطليق بالضرورة وبالإعسار بالنفقة، وعدم صحة المغارسة، وإبطال الشروط في البيع والنكاح مطلقا، وبأن طهارة الثوب والبقعة واجبة ولو مع النسيان، وقال بالفطر بالحجامة في رمضان١ وبصحة بيع المكره، وبمنع رهن المشاع، وبعدم صحة الوصية لغير الموجود.

وفي المذهب المالكي المصالح المرسلة: والتأويل الصحيح الراجع إلى التوسعة في الدين مثل تأويل حديث "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه ولا يسم على سومه" ٢ فإن تراكنا وتقاربا، قال مالك: ولو كان على ظاهره، لكان باب فساد يدخل على الناس، وفيه إبطال خيار المجلس لمنافاته الانضباط، وفيه العمل بقاعدة: تحدث للناس لأقضية بقدر ما أحدثوه من الفجور، فهذا باب عسير الضبط، وقد قال الحنفية بجواز انعقاد الحبس دون الحور، ومع ذلك منعوا شرط البيع لمن احتاج


١ في كتب الحنفية أن الحجامة في رمضان لا تفطر الصائم، انظر الهداية "١ك ٨٨" والدر المختار "٢/ ١٧".
٢ أخرجه مالك في الموطأ "٢/ ٦٨٣"، والبخاري "٤/ ٣١٣"، ومسلم "١٤١٢" في البيوع: باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه، وفي النكاح: باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه، وأبو داود "٢٠٨٠" والترمذي "١٢٩٢" من حديث عبد الله بن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>