للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصيام]

في السنة الثانية شرع صوم عاشوراء وجوبًا وصاموه, ثم في السنة التي تليها نسخ بصوم رمضان؛ لأن هذا الشهر كان -عليه السلام- يتحنَّث فيها بغار حراء، وفيه نزلت عليه النبوءة والقرآن، فشرع لنا صيامه تذكارًا لذلك, وشكرًا على أعظم النعم علينا, وهناك أسرار أخرى ليس المحل لها، ففيه نزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} الآية١، وقال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} الآية٢، وكانت العرب تعرف الصيام ويتحنَّث منهم البعض في رمضان، ولعل ذلك من بقايا شريعة إسماعيل وأبيه، فجاء الإسلام بما زاده وبينه من شرائعه, ومذهب الجمهور أن الذي كتب على الأمم قبلنا مطلق الصوم لا رمضان نفسه. قال الضحاك٣: لم يزل الصوم معروفًا من زمن نوح عليه السلام.


١ البقرة: ١٨٣، ١٨٤.
٢ البقرة: ١٨٥.
٣ لعله الضحاك بن مزاحم البلخي المفسر، ت سنة ١٠٥هـ، انظر "الدر المنثور للسيوطي" "١/ ١٧٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>