للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الغنائم وتخميسها، النفل، فداء الأسرى]

في السنة الثانية أحل الله للمجاهدين غنائم الحرب, وأوجب عليهم أن يخمسوها إذ نزل قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} ١، فكان الخمس يخمَّس أخماسًا أيضًا, لكل صنف من الأصناف الخمسة خمسه، ونزول هذه الآية كان في غزوة بدر, إلّا أن من أهل السير مَنْ ذكر أن أول غنيمة خمِّست غنيمة سرية عقدت في الإسلام، وأن عبد الله خمَّسَها باجتهاد منه, ثم نزل القرآن بتصويبه, وسريته كانت في السنة الأولى.

كانت العرب توزع الغنائم حسب القوة والعصبية, وللرؤساء معظمها من غير نظام, وإنما تنهبها نهبًا, وربما أفضت بهم إلى أن يذهبوا من حرب إلى حرب, فجاء الإسلام بأخذ الخمس لأهله, وقسَّمَة أربعة أخماس على المقاتلين سويةً لا فضل ولا استئثار, وحرَّم الغلول وجعله من أعظم الكبائر والجرائم.

في غزوة بدر نزل أيضًا٢: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} ٣، والنَّفل ما يعطيه رئيس الجيش لمن ظهرت منه مزية حربية قبل قسمة الغنيمة من رأس المال، وقيل: من الخمس وهو مذهب الجمهور، وفي الآية أيضًا نزاع، روي عن ابن عباس حملها على هذا المعنى، ومذهب الجمهور أن المراد بالأنفال فيها هي الغنيمة كلها، ومعنى كونه لله ورسوله ظاهر، ثم الله بيَّن لهم قسمتها بقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} ٤ الآية، فلا نسخ.

في السنة الثانية أيضًا في بدر، فعلوه باجتهاد، وبرأي جمهور الصحابة،


١ الأنفال: ٤١.
٢ قال المؤلف -رحمه الله: بفتح الفاء.
٣ الأنفال:١.
٣ الأنفال:٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>