للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ترجمة سلمان الفارسي أبو عبد الله]

يقال سلمان بن الإسلام، وسلمان الخير، أصله من أبناء أساروة فارس، من أصبهان أو من رام هرمز، ترك مهده وخرج يطلب الدين الصحيح، فتنصَّر أولًا، ثم تهوَّد ثانيًا، فأُسِرَ فتناولته أيدي الرق، إلى أن أسلم، قيل: شهد بدرًا, وقيل: أول مشاهده الخندق، هو الذي أشار على النبي -صلى الله عليه وسلم- باتخاذ الخندق للدفاع، وشهد ما بعدها، وهو من أعلام الصحابة ومن زهادهم السبعة الذين هم: عمار، وبلال، وصهيب، وأبو ذر، وخباب، والمقداد، الذين لا يحيط بفضائلهم كتاب، وقد عاتب الله نبيه فيهم في آيات الكتاب كما في الاستيعاب١، وخبر إسلامه غريب ذكره في الشمائل٢ وغيرها. جعل عمر له خمسة آلاف خراجًا, فكان يتصدق بها، ويأكل من كد يده، يعمل الخوص في حال كونه أميرًا على المدائن، وكان لا يتخذ بيتًا، بل يستظل بالشجر، أو بجدار المسجد، جاء صاحب له يومًا فقال: أردت أن أبني لك بيتًا يكنك، فأبى, فبقى به حتى قال له: إني أعرف البيت الذي تريد. قال له: وكيف؟ قال: يكون سقفه إذا وقفت ملاصقة رأسك, وإذا اضجعت كان جداره ملاصقًا لرجليك.

فقال: نعم, فعند ذلك بني له بيت قصب بتلك الصفة، وما كان له إلّا عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها، ولم يكن يقبل من أحد شيئًا، هذا أمير المدائن عاصمة الفرس, فهكذا كان ولاة المسلمين, وهذا سر تقدمهم وسرعة انتشار دينهم ومبادئهم، وفيه. قال عليه السلام "لو كان الدين بالثريا لناله رجال من فارس"٣،


١ آيات العقاب من سورة الأنعام, روى لنا سبب نزولها سعد بن أبي وقاص, وأخرج حديثه مسلم "٧/ ١٢٧".
٢ أخرجه أحمد في مسنده "٥/ ٤٣٨، ٤٤١".
٣ أخرجه مسلم عن أبي هريرة "٧/ ١٩١", ولفظه: "لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس" أو قال: "من أبناء فارس" وله: "لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء، ووضع يده على سلمان" -رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>