للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ترجمة أبو عبيدة بن الجراح القرشي الفهري]

أحد العشرة المبشرة بالجنة الذين كانوا أمام النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحروب ووراءه في الصلاة، هاجر الهجرتين، وشهد بدرًا وما بعدها، من السابقين الأولين, ومن قوادهم الفاتحين. فاتح الشام ومبيد دولة الروم منها، قال فيه -عليه السلام: "لكل أمة أمين, وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" ١, وأراد أبو بكر أن يبايعه يوم السقيفة بالخلافة إذ قال الصحابة: رضيت لكم أحد هذين الرجلين. له ولعمر، وقال عمر لما وصل عنده للشام: كلنا غيَّرَتْنَا الدنيا غيرك يا أبا عبيدة, إذ لم يجد عنده في منزله شيئًا, ولا ما ينام عليه سوى كسوته وسرجه وسلاحه، ولذلك قال عند وفاته: لو كان أبو عبيدة حيًّا لأوصيت له بالخلافة. فذاك مما يدل على علمه وفضله، ومن فتاويه لما وجهه -صلى الله عليه وسلم- رئيس سرية الخبط, وخرجت لهم حوت العنبر: نحن رسل رسول الله, وفي سبيل الله, فكلوا منها فأكلوا, ولما قدموا وأخبروا النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل فتواه، وقال: "هل معكم منه شيء وأكل" ٢. وهو الذي قال لعمر لما قدم الشام وأراد الرجوع من الطريق لأجل ما بلغه من الطاعون: أتفر من قدر الله؟ فقال: نفر من قدر الله إلى قدر الله, لو غيرك قالها يا أبا عبيدة٣. وذلك دالّ على جلالته عند عمر فمن دونه، وقالت عائشة: أحب أصحاب رسول الله إليه أبو بكر, ثم عمر, ثم أبو عبيدة. وفد ابنه معاذ بعد موته حيث خطب الناس فقال: إنكم فجعتم برجل ما أزعم والله أني رأيت من عباد الله قط أقل حقدًا, ولا أبر صدرًا، ولا أبعد غائلة, ولا أشد حياء للعاقبة, ولا أنصح للعامة منه, فترحموا عليه. اتفقوا أنه مات في طاعون عمواس عام "١٨" ثمان عشرة٤.


١ تقدم تخريجه.
٢ تقدم تخريجه.
٣ متفق عليه. البخاري في الطب "٧/ ١٦٩"، ومسلم في السلام "٧/ ٢٩".
٤ أبو عبيدة بن الجراح القرشي الفهري. ترجمته في الإصابة "٣/ ٥٨٦"، والاستعياب "٤/ ١٧١"، وأسد الغابة "٣/ ٨٠٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>