للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ترجمة عبد الله بن الزبير القرشي الأسدي]

أول مولود وُلِدَ للمهاجرين بالمدينة بعد الهجرة, فهو من صغار الصحابة, هاجر في بطن أمه، والده ابن عمة رسول الله، وأمه أسماء بنت أبي بكر، وربته عائشة في بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم, وقد اكتنفته كنانة النبوة.

كان من أعلام الصحابة وفقهائهم ومفتيهم وشجعانهم، دعا لنفسه بعد موت معاوية، ثم بعد موت يزيد بالخلافة، فبايعه أهل الحجاز والعراق ومصر، عدا أهل الشام بايعوا مروان بن الحكم, إلى أن كان ما كان من قتل الحجاج له, واقتحام دخول مكة عنوة، كان صوامًا قوامًا فصيحًا لسنًا إلّا أنه نقصته بعض الخلال الأخلاقية الواجبة في الخليفة؛ كالحلم، والكرم، فتفرّق الناس عنه وخذلوه على فضله وعلمه ومجد آبائه وأمهاته.

ولذا قال مالك: إنه أولى بالأمر من مروان وابنه, فهذه أولوية شرعية, أما الأولية السياسية فهي ما قد علمت١، وكان قتله بالبيت الحرام سنة "٧٣" ثلاث وسبعين، وبقي في الخلافة تسع سنين, وفي الملك ثلاث عشرة سنة, وهو آخر خليفة من الصحابة٢.


١ تفريق المؤلف في هذا المقام الأولوية الشرعية والأولوية السياسية مردود، فإن الأولى تتضمن الأخرى، فأبو ذر الغفاري الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم:$"ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر, شبه عيسى بن مريم -عليه السلام ... " الترمذي "٥/ ٦٦٩" لم يعتبره النبي -صلى الله عليه وسلم- لائقًا بالإمارة فقال له: "يا أبا ذر, إنك ضعيف, وإنها أمانة, وإنها يوم القيامة خزي وندامة, إلّا من أخذها بحقها وأدَّى الذي عليه فيها" وفي رواية: "إني أراك ضعيفًا, وإني أحب لك ما أحب لنفسي, لا تأمرنَّ على اثنين ولا تولين مال يتيم" أخرجه مسلم "٦/ ٧"، ولذلك لم يكتف العلماء في شروط الإمام بالعدالة والعلم حتى تتوفر فيه من الصفات ما تتحق به الأهلية السياسية, وتجد هذا المبحث في الأحكام السلطانية للماوردي، ولأبي يعلى، وفي غيرهما في المراجع. "عبد العزيز القارئ".
٢ عبد الله بن الزبير القرشي الأسدي: أبو بكر، الحميري، الأسدي، المكي، القرشي مات سنة ١١٩، ٢١٩، أو ٢٢٠.
تهذيب التهذيب "٥/ ٢١٦، ٢١٥"، تهذيب الكمال "٢/ ٦٨٢"، تقريب التهذيب "١/ ٤١٥"، الكاشف "٢/ ٨٦"، الخلاصة "٢/ ٥٦"، جامع المسانيد "٢/ ٥١٥"، تراجم الأحبار "١/ ٢٩٣، ٢/ ٢٧٨"، الجرح والتعديل "٥/ ٢٦٤"، نسيم الرياض "٣/ ٥٣٩"، الثقات "٨/ ٣٤١".

<<  <  ج: ص:  >  >>