للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ترجمة أحمد فارس بن يوسف الشدياق اللبناني]

كان مارونيًّا ثم أسلم، صاحب نهضة الشرق، له التآليف الغراء، كالجاسوس على القاموس، وغيره، وصاحب جريدة الجوائب، وشيخ الصحافة العربية شرقًا وغربًا، توفي سنة "١٣٠٥"، خمس وثلاثمائة وألف١.

واللغويون والنحاة كثيرون، وبعضهم يندرج في تراجم الفقهاء الآتية، كابن الحاجب، غير أن أصحاب القرون الوسطى أفسدوا علم النحو وضخَّموه فهرم، ويأتي الإلمام بذلك في الخاتمة إن شاء الله، بل قال ابن درستويه٢: كان الكسائي يسمع الشاذّ الذي لا يجوز إلّا في ضرورة فيجعله أصلًا ويقيس عليه, فأفسد النحو بذلك، ولقد تبع الكوفيون كسائيهم فوسَّعوا النحو حتى قيل: لو توسعتم في اللغة ما لحَّنْتم أحدًا, فوقع في النحو بسبب هذا الاختلاف بين الكوفيين والبصريين الذين أخذوا بالأفصح من اللغات ونبذوا سواها.

فكان البصريون مثل المدنين في الفقهاء, والكوفيون هم الكوفيون, وحمي الوطيس بين أهل البلدين على تقاربهما, وألف كل من علمائهما تآليف، كل ينتصر لمذهبه، فضخَّم النحو بكثرة الخلاف والجدل والتوجيهات التي لا تفيد، فاستحال الأمر إلى فساد, وزاده المتأخرون فسادًا بإدخال علم الببيان في علله, والأبحاث اللفظية والتعاريف, ثم الاختصار والمنطق, حيث صعَّبوا علمًا كان الواجب تسهيله إلى درجة يشارك فيها العوام بقدر ما يحصل به التفاهم، فلم يزد تكبيره إلّا تصغيرًا لمدراك الأمة, وتأخرًا في رقيها.

قال الجاحظ٣ في رسالة التجارة: وأما النحو فلا تشغل قلب ولدك منه


١ أحمد بن فارس الشدياق اللبناني: الأعلام "١/ ١٨٤".
٢ هو عبد الله بن جعفر أبو محمد: انظر تاريخ بغداد "٩/ ٤٢٨".
٣ عمرو بن بحر بن محبوب أبو عثمان: تاريخ بغداد "١٢/ ٢١٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>