للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إحياء الاجتهاد على عهد الدولة الموحدية بالمغرب والأندلس في القرن السادس]

اعلم أنه برقت بارقة على الفقه سنة ٥٥٠ خمسين وخمسمائة تحرك بها حركة لكن كانت أشبه بحركة الموت، وذلك أن عبد المؤمن بن علي لما غلب المغرب ووجد العلماء انهمكوا في الفروع راضين خطة التقليد الذي يقضي على الفقه، فكر فكرة في إلزام العلماء الاجتهاد، وترك التقليد فقيل: إنه أبرزها إلى حيز العمل، فحرق كتب الفروع كلها، وأمر بوضع كتب أحاديث الأحكام ذكر ذلك في القرطاس وهو حجة ثبت وثقه ابن خلدون وغيره وأنكر ذلك التميمي في "المعجب" وقال: إن عبد المؤمن إنما فكر في ذلك، وإن الذي أبرزه هو حفيده أبو يوسف يعقوب المنصور المتوفى سنة ٥٩٥ خمس وتسعين وخمسمائة قال: إن في أيامه انقطع علم الفروع، وخافه الفقهاء وأمر بإحراق كتب الفروع بعد أن يجرد ما فيها من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقرآن، فأحرق منها جملة في سائر البلاد كمدونة سحنون، وكتاب ابن يونس ونوادر ابن أبي زيد ومختصره، والتهذيب للبراذعي، وواضحة ابن حبيب، قال: لقد شهدت منها وأنا بفاس يومئذ يؤتى منها بالأجمال فتوضع ويطلق فيها النار، وتقدم إلى الناس في ترك الاشتغال بعلم الرأي والخوض في شيء منه وتوعد على ذلك بالعقوبة الشديدة وأمر جماعة ممن كان عنده من العلماء المحدثين بجمع أحاديث من المصنفات العشرة وهي الكتب الخمسة والموطأ ومسند البزار، ومسند ابن أبي شيبة، وسنن

<<  <  ج: ص:  >  >>