للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السنة النبوية]

[مدخل]

...

[السنة النبوية]

هي أقواله -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله وتقريره.

ومجموع الأحاديث التي تدور عليها أحكام الفقه نحو خمسمائة حديث وبسطُها وتفاصيلها نحو أربعة آلاف حديث كما في أعلام الوقعين١.

والسنة في الدرجة الثانية بعد القرآن العظيم؛ لأن القرآن كلام رب العزة، متعبد بتلاوته، معجز ببلاغته، قطعي الثبوت لتواتره، بخلاف السنة، ولذلك إذا وجد قرآن صريح فهو مقدَّم عليها، وهذا مما لا خلاف فيه؛ لأن الصحابة -رضوان الله عنهم- ما كانوا يسألون إلّا عمَّا لم يجدوه مصرَّحًا به في القرآن الكريم، نعم إذا وجدت سنة مخالفةٌ لنصِّ القرآن متأخرة عنه, فهل تكون ناسخة أو لا, محل خلاف، والصحيح أنه يجوز النسخ بها, ولكن لم يقع نسخ القرآن بالسنة إلّا إذا كانت متواترة عند حكم المجتهد بالنسخ بها، ويجوز التخصيص والتقييد بها إذا كانت دلالة القرآن ظنّية كالعمومات والإطلاقات, فيخصص حينئذ ظني بظني، وللمسألة تفاصيل وتفاريع في كتب الأصول, وانظر أول السفر الرابع من موافقات الشاطبي تجد بسطًا كافيًا.

واعلم أن السنة معمول بها باتفاق من يعتد به من أهل العلم ولو خبر آحاد, لقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} ٢, وقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} ٣, وقوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ٤, وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يوجه رسله إلى الآفاق بتبليغ الشريعة الشريعة وهم فرادى, وذلك دليل على وجوب العمل بالسنة, ولو كانت خبر آحاد، وقد عمل بها الصحابة في زمنه -عليه السلام- حال غيبته، وأقرَّهم عليها وهي خبر آحاد، ووجه مع عمرو بن حزم صحيفة إلى اليمن وهي


١ أعلام الموقعين "ج٣/ ٢٥٧".
٢ النجم: ٣.
٣ الحشر: ٧.
٤ الأحزاب: ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>