للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن تأذى المعتمد عليه اقتصر الطالب عليه وراعى قلبه فهو أقرب إلى انتفاعه، ولا يقرأ في كتب لا يحتملها عقله ولا تصوره، والمطالعة في التصانيف المتفرقة يضيع الزمان ويفرق الذهن، بل يعطي الكتاب الذي يقرأه والفن الذي يأخذه كليته حتى يتقنه١.

ومنها: أن يعتني بتصحيح درسه الذي يتحفظه قبل حفظه تصحيحا متقنا٢ على شيخه أو على غيره ممن يكون أهلا لذلك، ثم يكرر عليه بعد حفظه تكرارا جيدا، ثم يعين له أوقاتا للمواضي ليرسخ رسوخا تاما، ولا يحفظ ابتداء من الكتب؛ لأنه ربما يقع في التحريف والتصحيف، ويحضر معه الدواة والسكين للتصحيح، ويضبط ذلك لغة وإعرابا، وإذا رد عليه الشيخ لفظه وظن أو علم أن رده خلاف الصواب راجعه برفق لاحتمال سهوه، أو في مجلس آخر لاحتمال أن يكون الصواب مع الشيخ، وهذا لا يفوت على التلميذ بخلاف ما يفوت كأن يكتب الشيخ على رقعة فتوى على خلاف الصواب، وكون السائل غريبا أو بعيد الدار أو مشنعا تعين تنبيه الشيخ في الحال بإشارة أو تصريح، فإن تركه ذلك خيانة للشيخ، فيجب نصحه بلطف، وإذا وقف على مكان في الكتاب المحفوظ منه كتب قبالته بلغ العرض أو التصحيح٣، ويبدأ بالدرس الأهم بالأهم من العلوم.

ومنها: أن يذاكر بمحفوظاته ويديم الفكر فيها ويعتني بما يحصل فيها من الفوائد، ويقسم أوقات ليله ونهاره٤، ويغتنم ما بقي من عمره٥، وأجود الأوقات للحفظ الأسحار، وللبحث الإبكار، وللكتابة وسط النهار، وللمطالعة


١ تذكرة السامع ١١٧-١١٨.
٢ تذكرة السامع ١٢١.
٣ تذكرة السامع ١٢٦.
٤، ٥ تذكرة السامع ٧٢، وقال الشيخ فخر الدين الرازي: والله إنني أتأسف في الفوات عن الاشتغال بالعلم في وقت الأكل، فإن الوقت والزمان عزيز.

<<  <   >  >>